في مقطع متداول قبل أسبوع تقريبا لسيارة متوقفة أثناء التزود بالوقود، وإذا به يخرج شرارة صغيرة من يد السائق وتسقط أرضا، وإذا بعامل المحطة «يهيج ويميج» رعبا، ليسقط «مسدس» الوقود، ويصل البنزين لهذه الشرارة الصغيرة فتنشب النيران بالمركبة وبهذا العامل الذي أراد أن ينفذ بجلده فـ«زاد الطين بلة». هذا المقطع اشتعل في مواقع التواصل كما اشتعلت النيران في المركبة، ومن هنا بدأت مراكز الإفتاء و«الفزلكة» تقوم بعملها، فبمجرد وصول المقطع إليك وقبل أن تطلع عليه بـ«عقل» صافٍ، فقد أرفق معه رسالة تقول إن علينا الانتباه من تقنية NFC للدفع عن طريق الجوال، فهي من تسببت في هذه الشرارة، وهذا وللأسف يسمى في الإعلام بشكل عام بتوجيه المتلقي، فبدلا من ترك الخيار له للتمعن والتحليل، يقوم الشخص بتحييد تركيزه على جزئية أخرى.

ولكن كالعادة، خرج المركز الإعلامي بالمديرية العامة للدفاع المدني بتصريح على لسان المتحدث الرسمي بأن سبب هذا الحريق هو (إهمال قائد المركبة لتعليمات السلامة وذلك بقيامه بالتدخين أثناء التزود بالوقود) و«سمع الله لمن حمده، لا NFC ولا نادي النصر السعودي»، ومن هنا أقدم خالص شكري وتقديري عرفانا بالجهود التي يقدمها هذا المركز على رأس الساعة تفاعلا مع الأحداث، وأتمنى أن تحذو حذوه بعض مراكز الإعلام لدينا، والتي ما زالت تعمل تقريبا على نظام ويندوز 95.

أما إن وصل هذا المقطع إلى أحد ما دون أي عناوين، فسيلاحظ من الأخطاء الآتي:

-1 المركبة ما زالت في وضع التشغيل، واضطر صاحبها لإطفائها بعد نشوب الحريق.

-2 ترك مضخة البنزين تعمل دون التدريب على إغلاقها بأقصى سرعة من قبل عامل المحطة، في مثل هذه الحوادث.

-3 عدم تدريب العامل بأي شكل من أشكال التعامل المثالي مع الحوادث، فيتضح أنه فقط تم تخويفه من هذا المكان دون إخباره عن أية طرق أخرى لمكافحة الحريق، فكان تصرفه وقت بداية المشكلة سبب زيادة حجم الحريق من %5 من مسطح المكان المشتعل إلى %100 من المسطح الذي وصلت له النيران آخر المقطع.

-4 حضر أحد العمالة وهو يدفع بطفاية حريق بحجم كافٍ لإطفاء حرائق غابات أستراليا، ومع ذلك ظهر أثرها وكأنها «ملطف للجو» فقط، بسبب عدم الصيانة المستمرة، وعدم تدريب العاملين على أنواع الطفايات وغيرها.

-5 لم يكن من صاحب المركبة وبعد الاستهتار الذي قام به سوى الهروب، وهذا دليل على عدم وعيه باستخدام طفاية الحريق بمركبته أو عدم وجودها في مكان سهل الوصول له.

-6 ظهر شخص في آخر المقطع هو من أخمد الحريق بشكل كامل وجنب المحطة ومرتاديها وحتى من يسكنون بجوارها كارثة وصول اللهب إلى خزان الوقود الأساسي، وذلك بسبب أنه كان هادئا كفاية ليعرف التعامل مع هذا الحريق، ومع ذلك فكانت الطفاية التي بحوزته من الحجم الصغير.

ما أريد قوله إنه في حال رغبتنا بالاستفادة من هذا المقطع بشكل صحيح، فيمكن لجميع ملاك المحطات ومشغليها، تدريب العمالة أولا عن طريق مشاهدتهم لمثل هذه المقاطع، ومن ثم توجيههم بالطريقة المثلى بضبط النفس والتعامل الحكيم في مثل هذه المواقف التي تتطلب اتخاذ قرار وتنفيذه في جزء من الثانية، وليس بمبدأ «خذوه فغلوه» إلى العمل بمهنة خطرة كهذه، عليه فأشكر مجددا الإعلام بالدفاع المدني على التوعية بعدم اتباع آراء «المتفزلكين» والتوضيح عن هذا الفيديو الذي إن تم استغلاله بالشكل الصحيح فستكون النتيجة (مقطع بالثواني وفوائد بالسنوات).