عندما أطلقت وزارة الثقافة السعودية، العديد من الهيئات الفكرية، والتي سميت إحداها بهيئة المكتبات، استبشرت كما استبشر العديد من المهتمين بهذه الصناعة، ورغم البطء الواضح في تحركات هذه الهيئة، للوصول نحو ما هو مرجو منها، إلاّ أن الأمل فيها كبير بإذن الله.

اطلعت على إستراتيجيتهم المنشورة مؤخراً، ومدرك لحجم التطلعات التي يعمل عليها مسؤولو الهيئة، وللأمانة، فإن الأحمال وكذلك الآمال عليهم كبيرة، مثلما هي رؤيتهم كبيرة وطموح جداً.

أحد مرتكزات رؤيتهم يتمثل في: تعزيز المشاركة المجتمعية. وفي ظني أن هذا المرتكز يعتبر من أهم المرتكزات، التي تنطلق منها الهيئة في إنجاح رؤيتها وإستراتيجيتها العامة. وأعتقد أن الوصول إلى المشاركة المجتمعية، يمكن أن يتم من خلال النفاذ إلى عادات الناس وسلوكياتهم، عبر أماكنهم التي يجتمعون فيها بشكل دائم ومستمر، وأقصد بهذه الفكرة: أن الناس تجتمع دائماً في المولات الضخمة والكبيرة، وهناك متسع من الوقت، يمكن للشخص أن يطلع فيه على أشياء جديدة، وبدلاً من قضاء الساعات في صالات الأفلام، وعلى كراسي الكافيهات والمطاعم، وفي قاعات ألعاب الأطفال، يمكن للهيئة أن تستثمر هذا الحضور، وتصنع من هذه المعادلة، مبادرة بالتعاون مع ملاّك هذه المولات، لتقيم قاعات للكتب ولملخصات الكتب، وللأنشطة المتعلقة بالكتب، في أماكن مصممة لتكون جاذبة ومحببة للناس، وخصوصاً الأطفال منهم. على أن تكون هذه القاعات متجددة بالكتب وملخصاتها، وبالأنشطة الثقافية والفكرية. بحيث إننا نقيم هذه المبادرة بنوع من التفاعلية والحركة والديناميكية، وبهذا نضمن ألا ترجع الروح المسيطرة على المكتبات العامة القديمة، لتظلل على روح هذه القاعات.

إذاً، تستطيع الهيئة أن تضيف إلى عنصري الترفيه والتسوق، اللذين تقوم عليهما المولات التجارية اليوم عنصراً ثالثاً؛ عنصر الثقافة. وأعتقد أن الوصول إلى تصميم وصناعة مبادرة بهذا الأمر، ليس بالأمر الصعب ولا المعقد. كما يمكن الاستفادة من الفرق التطوعية، لتشغيل هذه القاعات وملئها بالنشاطات المتعددة والمتنوعة.

الأفكار أمام الهيئات الثقافية عديدة ومتنوعة، والمجتمع داعم لها، فقط هو ينتظر منها الانطلاق، وسوف تجد كل الدعم، ولنا في هيئة الترفيه ووزارة السياحة ومواسمهما خير مثال.