تزامن الأخلاق والعوامل الفكرية السببية، مع التقدم العلمي، من أهم العوامل التي تُمَحّوِر اتجاه ذلك السهم العلمي الذي قد يتجه بالبشرية إلى مسار «بأرجل الدجاجة»، عشوائي وليس مجدياً، بل فتاك وغير نافع سوى لرأسمالية القوم العالمية، فلا يكاد يخلو اختراع من أهداف سامية، إلا وكان القاضي الرسام لنهاية تحاكي قصص انتهاء الحضارات الهلامية.

التقدم العلمي لم يحل مشاكل الفقر والجوع، ويرتكز على الأمراض العالمية بشكل تام، والحاجات للشعوب بشكلٍ عام للافتقارات الفعلية، وإنما أصبح يهذي في اختراعات تكميلية لمصالح تجارية وسياسية، بعيدا عن السمات التي تستوجب تفعيل العلم في حالته المعهودة لدى الأذهان.

ومن هذا «الصياب الغضروفي» نجد أن الكيميائي يصنع القنبلة، والأطباء مندوبي مبيعات، والتقنية بحقيقتها إتاحة سياسية وتجارية للسيطرة، والتزعم من دولة لأخرى، وتجد أن المخترع يبحث عن أرباب المال لخدمتهم، والعديد من الشواغر التكميلية والانحرافية في حين أننا نفتقر لمقومات تعالج الحالات الفعلية في هذا الكون.

فلا تتعجب إن وجدت دولة فقيرة لا تكاد تأكل، تُكرم مخترعا، اخترع ملعقة إلكترونية يُسَفّسِط بها وبالكاد يستعملها أحد، ومجلس إدارة يناقش زراعة الورد أم الزهور البيضاء في الطرقات التي حقيقة يفترشها فقراء!.

فكيف قوّم الإنسان حال الأرض التي دمرها، ولم ينته منها، حتى يفكر بالعيش في القمر!.

وأما حينما تسقط مكانة الأدب الذي يجب أن يكون للنظر في مشاكل المجتمع وهموم الناس، بإيعاز لقلب مكنون بالفطرة، فطرة على سجيتها كما هي حال البسطاء والفقراء والضعفاء والمساكين في داخل المجتمعات، ولا يتمثل بصورة تستطيع أن تعكس واقع الحياة، كما هو دور الأدب في التاريخ، حيث يوصف بأنه «مرآة للواقع»، لا أن يُسترسل فيه «أديب البساط الأحمر»، متحدثا عن حاجيات لا يُنظر لها.