الإنسان خيّرٌ بطبعه، ويحب الخير لغيره كما يحبه لنفسه؛ وهذا من كمال الإيمان، قال - صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

ومن هذا المنطلق نبني علاقاتنا مع الناس، وكلنا ثقة بهم؛ نأمن جانبهم، ونستأنس بصحبتهم؛ هم السند لنا بعد الله؛ يشاركوننا ونشاركهم في السراء والضراء وحين البأس، يمونون علينا ونمون عليهم، نسامرهم ونلاطفهم، ولا نتعرض لإهانتهم أو جرح مشاعرهم، وندافع عن أعراضهم في غيبتهم،...

وهذا فيض من غيض من الحقوق المتبادلة بيننا، شبراً بشبر وذراعا بذراع. ولكن علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن الناس ليسوا كلهم على جسر الخير مجتمعين، قال تعالى: "هديناه النجدين" أي طرق الخير وطريق الشر، وهذه سنة الله في خلقه ولو شاء لجعل الناس أمة واحدة، ولا يزالون مختلفين كما أراد سبحانه إلى أن يرث الأرض ومن عليها.

فمن الناس من يعجبك قوله وهو ألد الخصام، ويعطيك من طرف اللسان حلاوة، ويروغ منك كما يروغ الثعلب، يمدح ويمجد، ويبالغ في الإطراء ليبلغ عنان السماء، وما هو ببالغه؛ يعمل هذا كله لا من أجل سواد العيون؛ بل لحاجة في نفس يعقوب متى ما قضاها قضى عليك، وأولجك نيراناً تلظى ستبقى تشتعل في صدرك ما بقي هو على قيد الحياة.

طبطبة هذه الفئة من الناس، كطبطبة الخباز لعجينة الخبز قبل أن يودعها الفرن ليحرقها.