النقل بوسائطه المختلفة له مسارات متعددة متداخلة متشابكة، لكنها ذات أثر وتأثير في طبيعة أعمالها ومهامها. لذا كان قرار ولي العهد -سلمه الله- في إطلاق رؤية مستقبلية واعدة لما يستوجب العمل به لنقلة نوعية وكمية في البناء والتجهيز والإمداد والتمدد والتموين إن ما شرحه المهندس صالح الجاسر وزير النقل وأركانات مؤسسات النقل المنضوية تحت إدارته، كان عملا جديرا بالتقدير والإعجاب. وما قام بشرحه رؤساء النقل البري والبحري والجوي والسككي قد استوحى ما أراده ولي العهد من البيان والتبيين في ثقافة الإدارة المنتجة القائمة على التفكير والفكر الإبداعي الباحث عن العائد المربح وسرعة الإنجاز.

لقد ظهر منظور النقل والخدمات اللوجستية، بمنطق فعال تجاوز بيروقراطية الأداء التي رانت ردحا من الزمن لم يكن فيها تفكير تخطيطي شمولي شامل.

كانت وسائط النقل ذات أنظمة متباعدة، البري له أنظمة ولوائح، وكذا البحري والجوي والسكك الحديدية، وربما كان العمل في كل من هذه المؤسسات متباعدا، فالنقل الجوي لم يكن يخضع لنظام النقل، إذن كان ذا صلة بوزارة الدفاع.

ولم يخلُ البحري من تشابك بين الموانئ وكذا بقية أنماط النقل. النقل بكل وسائطه مترابطة متصلة، فركوب السيارة منه تبدأ رحلة السفر إلى المطار ثم بالطائرة إلى جهة المقصد، وكذا الحال مع رحلة القطار والسفينة والعكس صحيح.

إذن العملية فعل منتظم بفعل التنظيم والانتظام.

وسائط النقل عالية السعة والكثافة الاستيعابية، كالقطارات والسفن والحافلات لها دور في تقليل الازدحام على الطرق، وتقليل المعاناة من الشاحنات التي لا تتقيد بأوزان الحمولة التي من مسببات تدمير طبقات الرصف والزفت.

توسط بلادنا في مسارات الطرق البرية والبحرية، استلزم في فكرة الخدمات اللوجستية كان عاملا في هاما أن يكون ربط الساحل الغربي على البحر الأحمر بالشرق على الخليج العربي، لما لهذا من مجالات واسعة للتنمية الاقتصادية والمجتمعية حين تزداد رقعة النمو والانماء الحضري بنشوء مدن ومناطق إنتاج متنوعة في الأماكن التي ستقوم فيها محطات نقل وتوزيع ذهابا وإيابا.

هذا إضافة لما سيحققه كذلك الجسر السككي الحديدي من منافع متكاملة مع الطريق البري. نقل الركاب بالسكة الحديدية الأكثر أمانا وسرعة وسعة استيعابية، سوف يقصر مدة السفر السريع بين الدمام – الرياض – جدة إلى حوالي ساعتين دون توقف.

أما قطار الحرمين فهو الخدمة العظيمة التي باتت سمة العصر الحديث في خدمة المشاعر المقدسة في مكة والمدينة، حين ينتقل الحجاج والزوار والمعتمرين بسرعة فائقة بين المدينتين المقدستين. لقد فاتت فرص كثيرة على الوطن للنهوض بقطاعات النقل، لكن قدر الله وما شاء فعل.

واليوم نعيش يقظة وهمة قيادة الوطن وتفاعل أبناء وبنات الوطن للوصول ثم البقاء في القمم. كل الشكر والامتنان لسمو ولي العهد على الروح الوثابة والعقل المستنير، وشغله وانشغاله بتمكين الكفاءات ذات الخلفيات العلمية المذهلة من بنات وأبناء الوطن، فهذه روح القيادة والريادة، والشكر موصول لوزير النقل الذي لم ينس شكر من كانوا سلفا في إدارة النقل والمواصلات.

لقد كنت محظوظا بالعمل في وزارة المواصلات، ثم النقل تحت إدارة وقيادة حسين المنصوري - رحمه الله - وناصر السلوم ثم جبارة الصريصري -حفظهما الله-، وعملت مديرا للتدريب ثم الدراسات والبحوث وإدارة الطرق والنقل في تبوك.

وقد كتبت كتاب (قصة الطرق في المملكة العربية السعودية: التحدي والإنجاز- 1438- 2007 شواهد وشهادات)، ورغم التعب المضني الذي فاق ثلاث سنوات في تأليف الكتاب، إلا أن متعة ولذة الإنجاز، بددتا المصاعب، وحققتا الطموح في العمل الجاد لتوثيق مراحل بناء الطرق والنقل والسكك الحديد في بلادنا، لتكون شهادة للتاريخ والأجيال اللاحقة من أجيال البناء والتأسيس، والأمل أن يكون التوثيق ناطقا ومعلما.

سلم الله وطننا من معوقي التنمية والانماء.