على الرغم من قصر عدد حجاج هذا الموسم على 60 ألف حاج من المواطنين والمقيمين في المملكة، فإن الجهات المعنية، فرضت جملة من الشروط التي تضمن سلامة الحجاج على الأخص في موسم حج ثان ما زال فيروس كورونا يتفشى فيه بقوة ويسجل أرقاماً مخيفة من الإصابات في شتى الأصقاع.

ونالت مسألة سكن الحجاج الاهتمام الأشد من تلك الشروط، حيث حرص برنامج السلامة المنزلية لسكن الحجاج على توفر مساكن بشروط مثالية تضمن سلامة الحجاج، وتؤمن تباعدهم داخل المسكن عند المبيت بمسافة 1.5متر بين الحاج والحاج، مع جدولة حركة تدفق حشودهم في مجموعات محددة لكل منها قائدها، ولا تتجاوز كل مجموعة 100 حاج، مع الاستفادة من جميع الرخص الشرعية للتخفيف على التنظيم.

مشروع في السياق

جاء برنامج السلامة المنزلية لسكن الحجاج ضمن سياق جملة من المشاريع العملاقة التي هيأتها المملكة في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، لتسهيل الحج وتأمين سلامة الحجاج، وأكد رئيس لجنة البيئة للاتحاد العالمي للكشاف المسلم الدكتور فهد عبدالكريم علي تركستاني لـ«الوطن» أن مشاريع مثل مشروع الجمرات العظيم، وقطارات المشاعر، وخفض أعداد السيارات ومنع دخول السيارات التي أقل من 25 راكباً إلى المشاعر خففت التلوث الهوائي، وخفضت الانبعاثات الكربونية وضجيج المحركات، ما انعكس إيجاباً على صحة الحاج، وقال «من المعروف صحياً أن عوادم السيارات والغازات المنبعثة منها تسبب أمراضاً كثيرة منها الربو وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والحساسية وضيق التنفس وحتى السرطان، فيما يسبب التلوث بالضوضاء التوتر والقلق».

انخفاض البكتيريا

أرجع الدكتور التركستاني انخفاض أعداد الميكروبات البكتيرية الملوثة للهواء، داخل الحرم المكي الشريف وخارجه إلى عدة أسباب، ومنها:

1- الاهتمام الواضح من قبل القائمين على خدمة الحرمين الشريفين بمراعاة النظافة الدائمة داخل الحرم المكي وخارجه، مستخدمين المطهرات والمنظفات لضمان سلامة المصلين.

2- التهوية الجيدة داخل الحرم مما يساعد على تحريك الهواء وتجديده دائماً ليتناسب مع أعداد الوافدين إلى المسجد الحرام.

3- وأهم هذه الأسباب حماية الله، سبحانه وتعالى، لبيته العتيق، وحرمه الشريف وعباده المسلمين حيث قال تعالى: «أو لم نمكن لهم حرماً آمناً يجبى إليه ثمرات كل شيء».

وشدد على أن هناك جهوداً أخرى موازية لذلك في المشاعر المقدسة لتخفيف التلوث، من أهمها تأمين أعداد كبيرة من المحاجر البيئية في المشاعر المقدسة تقوم بضغط النفايات التي يخلفها الحجاج في قوالب حديدية ليتم نزعها بعد موسم الحج والتعامل معها بشكل بيئي يضمن عدم تلويثها للأرض أو للهواء، كما أسهم التنظيم في حركة ونوعية المركبات، في الحد من حجم تلوث الهواء سواء من السيارات الكبيرة أو الدراجات النارية التي كانت تشكل جزءاً لا يستهان به من التلوث الحاصل في الحج.

التوعية اللازمة

ركز الدكتور التركستاني على أهمية التوعية البيئية للحاج وانعكاس التزامه على الإبقاء على السلامة البيئية للحج، وأوضح أن «فكرة برنامج السلامة المنزلية لسكن الحجاج تقوم كذلك على توعية الجميع للوصول إلى سلامة بيئية شاملة للوقاية من أثر عشرات الملوثات التي ينجم عنها عدد من أمراض الجهاز التنفسي والقلب والحساسية والأورام السرطانية المتنوعة بل وقد تؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة».

وكانت دراسات علمية حدثية قد كشفت أن الحجاج يقضون من 70 إلى 90% من وقتهم في بيئات مغلقة سواء في سكنهم في المشاعر أو مكة المكرمة والمدينة المنورة، أو خلال أدائهم الطواف والسعي والصلوات في الحرم المكي، ويشير الدكتور التركستاني إلى أن المباني المغلقة تعاني من التلوث بشتى أنواعه «الهوائي والكيميائي والبيولوجي والإشعاعي وغيرها من الملوثات مما قد يتسبب في أمراض عدة، بخاصة المساكن التي تعاني من سوء التهوية بشكل عام»، مبيناً أن مسببات الأمراض تقسم إلى 3 عوامل رئيسة، منها الملوثات البيولوجية والملوثات الكيميائية والملوثات الإشعاعية والفيزيائية.

تنامي الوعي

بين التركستاني أن الوعي البيئي بأهميته الكبيرة تنامى في السنوات الأخيرة، لكنه مع ذلك لم يتماش مع المعرفة المتطورة السريعة والأحداث المتلاحقة المؤثرة على بيئة معيشة الإنسان، وقال «على الرغم من المعرفة المتزايدة بالمشاكل البيئية فإن المتغيرات البيئية المتلاحقة في شكل ومكونات المنازل ومتطلبات الحياة العصرية أضحت سبباً رئيساً لكثير من المخاطر البيئية».

وأضاف «الوعي العام، والبيئي على الأخص منه يلعب دوراً مهماً في تشجيع التطبيقات البيئية السليمة، وهذا يتطلب وضع مبادئ إدارة سليمة لحماية البيئة، وجعلها قيد التنفيذ من خلال برامج تعتمد على أسس علمية متطورة وحديثة تساير المكتشفات الجديدة للملوثات المؤثرة على صحة وحياة الأفراد».

ومن هنا تم اقتراح برنامج الحفاظ على صحة وحياة الإنسان وممتلكاته من كافة الأضرار البيئية وتجنبها، فكثير من الأمراض تكون مصادرها البيئة الداخلية، ويعود السبب الرئيس إلى قلة الوعي البيئي وضعف الثقافة البيئية لدى المجتمع بشكل عام، لذا لا بد من وضع طريقة لمعالجة مشاكل التلوث، ونحن نحتاج للخبرة البشرية لاتخاذ القرار المناسب في كيفية التعامل مع تلك المشكلة بطريقة أو بأخرى.

عوامل سلامة لحج هذا العام

60

ألف حاج من المواطنين والمقيمين

1.5

متر مسافة التباعد بين الحجاج عند المبيت

100

حاج في كل مجموعة تتحرك خلال الحج

مشاريع تيسر على الحجاج

ـ توسعة الحرم وتهويته بشكل جيد

ـ منشأة الجمرات

ـ قطار المشاعر

ـ قطار الحرمين

- طريق المشاة من جبل الرحمة حتى منى مرورا بمزدلفة

- طلاء الأسفلت الخافض للحرارة

ـ 6 مشاريع مائية ضخمة

ـ 13 مشروعا كهربائيا

ـ خفض أعداد السيارات

ـ منع دخول السيارات (أقل من 25 راكبا) إلى المشاعر

ـ خفض الانبعاثات الكربونية وضجيج المحركات