في الوقت الذي تتزايد فيه مظاهر وأشكال المسؤوليات المجتمعية للشركات، بالتزامن مع زيادات وارتفاعات متفاوتة في الأسعار أبدى مختصون اختلافًا مفاهيميا في أدوار المسؤولية الاجتماعية للشركات ففي حين ربط البعض بين الجوانب السعرية للمنتجات ومسؤوليتها الاجتماعية رفض آخرون هذا الربط واعتبروه جانب قد يتسبب الربط بينه وبين الأسعار في خسائر للشركات تتسبب في خسائر اجتماعية واقتصادية على المستوى البعيد.

ومع زيادة حملات المطالبة بخفض أسعار العديد من المنتجات الغذائية والخدمية ظهرت حملات متسعة تطالب بربط الأسعار بالمسؤولية المجتمعية للشركات وإن يكون الحفاظ على السعر أحد المسؤوليات المجتمعية للشركات أمام جمهورها المستهدف.

تباين الأدوار

يرى المستشار الاقتصادي الدكتور علي بوخمسين أنه من الضرورة أن تقوم الشركات بدورها في جانب المسؤولية المجتمعية وهي تستطيع ممارسه هذا الدور بعدة أشكال خاصة في جانب تخفيف أعباء المعيشة على المواطنين، وذلك في حالة غلاء وزيادة الأسعار وذلك من عدة جوانب متعددة المجالات والمستويات كمشاركة فاعلة من الشركات في بناء المجتمع وتنميته انطلاقًا من مبدأ المواطنة ومبدأ المسؤولية الاجتماعية التي باتت لزامًا في بعض المجتمعات على سبيل المنفعة المتبادلة أو الالتزام الأخلاقي حيث إن الشركات هي في الأساس بنت ثرواتها من هذا المجتمع وفي حال تراجع مستواه الاقتصادي فهي ستتضرر بانخفاض مبيعاتها، وهذا ما يستدعي منها النهوض بالمستوى الاقتصادي لهذا المجتمع باعتباره سوقها الأساسي، ومن هذه الجوانب المساهمة في خفض الأسعار من خلال عمل الشركات على خفض تكاليفها الإنتاجية بتحديث وسائل طرق الإنتاج، وكذلك السعي لإيجاد عدة بدائل من السلع بمختلف الأسعار في ظل الحفاظ على الجودة الأساسية لهذه السلع بالإضافة إلى مساهمة هذه الشركات في حل مشكلة البطالة خاصة عندما يؤمنون بدور شركاتهم الاجتماعي ويؤمنون بقدرة الشاب السعودي وتحمله للمسؤولية من خلال المحاولات الجادة لسعودة الوظائف بالقطاع الخاص.

تبني المشاريع

أضاف بانه يمكن للشركات المساهمة في زيادة دخل المواطن من خلال تبني العديد من المشاريع التي تتمثل في دعم الأفكار للمشاريع التجارية للمبتدئين، وتوظيف الشباب عن طريق برامج السعودة، ومساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة وظيفيًّا، بالإضافة إلى توظيف الأيتام والمعوقين بصريًّا هذا كله تعبير حقيقي وملموس عن التزامهم بالمسؤولية الاجتماعيه كمبدأ ثابت يطبقونه عمليًّا، وليس مجرد شعار يرفع للاستهلاك الإعلامي.

تكلفة الإنتاج

لفت بوخمسين إلى أنه لا يوجد شك بأن واحدا من أهم العوامل الخاصة بتحديد أسعار السلع هو تكلفة إنتاجها حيث يرتبط السعر ارتباطًا مباشرًا بتكلفة الإنتاج، وبالتالي من الطبيعي أن تؤدي زيادة تكلفة مواد الإنتاج إلى زيادة تكلفة إنتاج السلعة، مما ينعكس مباشرة على سعر بيعها، وهنا يأتي دور الدولة في مراقبة ارتفاع الأسعار قبل وبعد الزيادات التي طرأت على تكلفة مواد الإنتاج، وللمستهلك الحق في الالتزام بالأسعار المحددة خاصة للمنتجات المعروضة بالسوق (old stock) والتي تم إنتاجها قبل تاريخ إنتاج السلع الجديدة وفقًا للتكلفة الجديدة، وعليه يعتبر ارتفاع أسعار المنتجات كلما زادت إحدى مكونات الإنتاج هو حق للشركة المنتجة بشرط الالتزام بهامش الربح المحدد والمناسب بحيث لا تثقل كاهل المستهلك وتحافظ على وجودها بالسوق لأنها في النهاية لو أصرت على الإبقاء على أسعار مرتفعة لسلعها فستخسر حصتها السوقية حينما يتجه المستهلك لسلع بديلة، فهو صاحب القرار الأخير الذي يحدد ما يشتري ومن أي شركة فما لا شك فيه أن للمستهلك الحق في البحث عن بدائل أخرى.

كبح الجشع

قال بوخمسين إن حملات المقاطعة تُشكل أهمية في الحد من جشع التجار والتلاعب بالمنتج أو الخدمة، أو الزيادة غير المبررة التي تطرأ على أسعار السلع والمنتجات، كما أنها تُعد من السياسات الناجحة التي يلجأ لها المستهلكون للضغط على التجار والشركات، وتحفزهم للمطالبة بحقوقهم وإيصال أصواتهم.

وبالرغم من ظهور عدد من حملات المقاطعة فإن فاعليتها لا تزال محدودة، بل إن الكثير منها لم يحقق أهدافها في ظل غياب الرؤية الموحدة للمستهلكين بالرغم من أن هذه الحملات تؤثر في ثقة المستهلكين في هذه الشركات وحتى تعمل هذه الشركات لإعادة ثقة المستهلكين من جديد يتطلب ذلك جهود توعوية وتسويقية كبيرة من قبل هذه الشركات.

اختلاف المسؤولية

المهندس علي الشيخ يرى أن هناك اختلافًا في أطروحات المسؤولية الاجتماعية، فبينما يتبنى البعض وجود دور اجتماعي للشركات من خلال المساهمات الخيرية والتبرعات لدعم الصحة والمجتمع كمبالغ تستقطع سنويًّا من ميزانية هذه الشركات للجهات الخيرية أو جهات دعم الأبحاث أو إعانة الطبقات الفقيرة، فإن البعض الآخر يرى بأن الدور الاجتماعي الخاص بالشركات يتمثل في أدوار مختلفة عن هذه فإن قامت بها هذا أمر جيد، وإن لم تقم بها هي غير مسؤولة عنها فالمسؤولية المجتمعية التي يراها الجانب الآخر على الشركات تتمثل في أن تكون أعمال هذه الشركات لا تسبب أضرارًا بيئية تضر بصحة الإنسان أو النظام البيئي هذه المسؤوليات الاجتماعية هي ضرورة أخلاقية ينبغي أن لا تتخلى عنها بالإضافة إلى أن تعامل العاملين لديها بعدالة وألا تستنزفهم وتخلق لهم بيئة عمل لا تؤثر على حياته الأسرية ولا الاجتماعية ولا الصحية فهناك اتجاهان أحدهم يرى الدور الاجتماعي للشركات في التبرعات والآخر يراه في الحفاظ على الجوانب الأخلاقية.

رفع الأسعار

يرى الشيخ أن رفع الأسعار والمحافظة عليها ليس من ضمن الأدوار التي تقوم بها الشركة لدعم المجتمع باعتبار أن الشركة موجودة في سوق تنافسي ولو رفعت السعر أكثر من اللازم تعتبر نقطة ضدها عند المنافسين يؤدي لانخفاض الطلب، ومن ثم خسارة الشركة، فالعرض والتنافس هو الذي يحكم السعر في النهاية أحيانًا يكون خفض السعر يؤدي لخسارة الشركة، وبالتالي تسريح عاملين والتأثير على فئات معينة والشركة تبدأ بالخسارة، وهذا ضد دورها الاجتماعي واحد الأدوار الاجتماعية للشركة أن تحافظ على استمراريتها وكيانها فعملية تخفيض الأسعار قد يكون لها مردود عكسي على الشركة كخفض الرواتب وتسريح العاملين وخفض القوى العاملة لديها، وهذه فيه أضرار على الاقتصاد والمجتمع، وبما أن هناك قانون عرض وطلب فلا يمكن إلزام الشركات بسعر معين.

التبرعات

صاحب مبادرة إنشاء مستشفى خاص بأمراض الكلى بمحافظة القطيف الدكتور عبدالله السيهاتي يرى أن المسؤوليات الاجتماعية للشركات تتفاوت بتفاوت حجم وعدد الفئة التي تستهدفها تلك الشركات، وتختلف طبيعتها أيضًا باختلاف الخدمات التي تقدمها تلك الشركات، فوجود معامل لشركات في مناطق معينة يلزمها أخلاقيًّا أن تقدم لتلك المناطق خدمات تغطي الأضرار أو السلبيات التي قد تتسبب بها تلك المعامل أما من خلال الأعمال الاجتماعية والتطوعية أو من خلال مميزات وظيفية أو سعرية.

الرأي الأول

خفض الأسعار من خلال عمل الشركات على خفض تكاليفها الإنتاجية بتحديث وسائل طرق الإنتاج.

السعي لإيجاد عدة بدائل من السلع بمختلف.

حل مشكلة البطالة.

متابعه تسعير لسلعها المطروحة بالسوق.

التزام الشركات بهامش ربح معقول.

الرأي الثاني

المساهمات الخيرية.

التبرعات لدعم الصحة والمجتمع.

استقطاع مبالغ للجهات الخيرية.

عدم التسبب بأضرار بيئية وصحية.

التعامل مع العاملين بعدم وعدم استنزافهم.

خلق بيئة عمل لا تؤثر على الأدوار الاسرية والاجتماعية.