لا يكاد يوم يخلو فيه الحديث من القهوة، يحلو معها وعنها وبها، حتى القراءة أصبحت تستلزم حضورها، كأنها النور أو البصيرة، أو مجرد صورة جميلة صالحة للنشر. أكلت الأغنام من شجرة البن، فزاد نشاطها، وجرب أحد الأشخاص عمل مشروب من حبوب هذه الشجرة، فبقي مستيقظاً طوال الليل، فعرف الإنسان القهوة في القرن التاسع.

هي من بين المشروبات الأكثر شعبية في العالم، فالاستهلاك العالمي للقهوة يزيد على تسعة مليارات كيلوجرام في السنة، وهو ما يعادل نصف تريليون فنجان قهوة سنويا، وتصنف المملكة ضمن أكثر دول العالم استهلاكاً للبن، وتُقدر كمياته المستوردة سنويا للأسواق السعودية، بأكثر من 10000 طن، ويبلغ معدل إنفاق السعوديين على إعداد القهوة أكثر من مليار ريال سنوياً، وهذا ما يفسر انتشار المقاهي ومحلات القهوة في كل مدينة، وعلى جوانب كل شارع، فهل نحن مصابون بإدمان الكافيين إلى هذا الحد ! أم هي ضرورة للمضي في الحياة بكامل وعينا، في زمن لا يحتمل السهو أو الخطأ؟.

ولأن عادات الشعوب الغذائية تؤثر في صحتهم، فإنه من المهم أن نعرف فوائد ومضار الأشياء لنتوازن.

تربط الأبحاث بين الاستهلاك المعتدل للقهوة «حوالي ثلاثة إلى أربعة أكواب يوميا» وزيادة طول العمر، بالإضافة إلى خفض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري من النوع 2 ومرض باركنسون، وفقًا لـ Harvard Health Publishing. كذلك يقلل استهلاك القهوة من خطر الإصابة بسرطان الكبد بحوالي 40%، وتشير بعض الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يشربون ثلاثة أكواب يوميا، قد يكون لديهم خطر أقل بنسبة 50%، والقهوة تحتوي على مضادات الأكسدة المهمة لصحة الجسم.

بينما ارتفاع استهلاك القهوة يرتبط بشكل كبير بانخفاض حجم الدماغ، وقد يعرض شرب أكثر من ستة فناجين من القهوة يوميا، لخطر الإصابة بأمراض الدماغ، مثل الخرف والسكتة الدماغية، فالذين يستهلكون أكثر من ستة فناجين من القهوة في اليوم، يزداد لديهم خطر الإصابة بالخرف بنسبة 53٪، والخرف هو حالة انتكاسية بالدماغ، تؤثر في الذاكرة والتفكير والسلوك، والقدرة على أداء المهام اليومية، و تم تشخيص حوالي 50 مليون شخص بالخرف، في جميع أنحاء العالم.

بعض الدراسات وجدت أن النساء اللائي يشربن الكثير من القهوة، قد تكون لديهن مخاطر أعلى للإصابة بكسور العظام، و قد لا يكون الإكثار من القهوة آمنا أثناء الحمل، وهناك بعض الأدلة التي تشير إلى وجود صلة بين ارتفاع استهلاك القهوة والإجهاض، وانخفاض الوزن عند الولادة والولادة المبكرة.

بشكل عام آمن لمعظم الناس أن يستهلكوا ثلاثة إلى أربعة فناجين من القهوة يوميا، وهذا قد يقلل في الواقع من مخاطر الإصابة بحالات صحية معينة، ويجب على الشخص الذي يرغب في الحصول على فوائد صحية من القهوة، عدم تجاوز الكمية الموصى بها يومياً، ومحاولة مراقبة المكونات التي يضيفها، مثل السكر أو الكريمة أو المنكهات، لأنها قد لا تكون صحية.

فإذا وجدت أن استهلاكك للقهوة أكثر من ستة أكواب في اليوم، فقد حان الوقت لإعادة التفكير في تغيير مشروبك المفضل.