تؤكد تقارير وزارة العدل أن عدد صكوك الطلاق التي صدرت عام 2020 بلغت ما يقارب 60 ألف صك، وذلك بمعدل 158 صك طلاق يوميا. وأن نسبة الطلاق زادت بمعدل 12% عن عام 2019، وتصدرت منطقة الرياض المناطق بنسبة تجاوزت 21%. وحقيقة فإن المتضرر الأول والحقيقي من حالات الطلاق هم الأطفال الذين يدفعون ثمنا غاليا قد يستمر معهم في مستقبل حياتهم. وحيث إن الأم بشكل خاص هي من يعلم ويربي الأطفال في المراحل المبكرة، وعليه فإن غياب الأم قد يترتب عليه العديد من الآثار السلبية على الصعيد العاطفي والنفسي للطفل. وتؤكد الأبحاث العلمية أن كل مرحلة من مراحل الطفل لا تكتمل بشكل صحيح إلا في وجود الأبوين. وعندما يكون الطفل مدركا لوجود أحد أبويه وأنه محروم منه فإن هذا يزيد من الضغوط النفسية على الطفل، والتي تنعكس بشكل مباشر من خلال تصرفاته وردود أفعاله. ويرى المختصون أن غياب الأم عن أطفالها في سن المراهقة قد يفاقم الاضطرابات النفسية التي يعاني منها الأطفال أصلا بسبب التغيرات الجسدية والهرمونية. وفي هذه السن يمر الأطفال بتقلبات عاطفية حادة، وقد يكون البعض منها منحرفا. وغياب الأبوين أو أحدهما عن الأطفال قد يؤدي إلى ظهور أعراض خطيرة منها العزلة والانطواء والعدوانية والغيرة من الأطفال الآخرين والشعور بالنقص وتراجع المستوى الدراسي وفقدان التركيز وضعف المناعة، والذي قد يؤدي إلى الإصابة المتكررة بالأمراض المعدية. ومعاناة الأطفال لا تقتصر على حالات الطلاق، فهناك أمور أخرى قد تؤدي إلى فقدان الطفل أبويه بشكل كامل أو جزئي كالوفاة أو ظروف العمل والابتعاد القسري عن الطفل. وحيث إن معظم الأمهات العاملات يلجأن إلى تعويض غيابهن بالعاملات المنزليات للقيام بمهمة الاهتمام بالطفل إلا أنه قد يترتب على هذا التصرف أحد أمرين إما أن تتعامل العاملة مع الطفل من دون عواطف فيصبح دورها مقتصرا على إعطائه متطلباته دون عاطفة، وهنا تظهر كل الأعراض النفسية التي تحدثنا عنها لغياب العاطفة. والأمر الآخر أن تظهر العاملة العاطفة والحنان للطفل فتتشكل مشاعر الحب والعاطفة لها بدلا لها من الأم الحقيقية، وعند مغادرة تلك العاملة فإن أعراض غياب الأم تظهر لدى الطفل وتستمر معه رغم محاولات الأم الحقيقية تغطية هذا الفراغ.

أثبتت الأبحاث أن الأطفال الذين يعيشون في الملاجئ ودور الأيتام تقتصر مهام العاملين في تلك الدور على إعطائهم مقومات الحياة الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية مع غياب تام للعاطفة، وعليه فإن بعض أولئك الأطفال تتشكل لديهم مشاعر متبلدة تفتقد إلى العاطفة حتى إن بعضهم عندما يكبرون وينحرفون فإنهم يمارسون أعمالهم الإجرامية بكل برود دون شعور بالندم أو الخوف. كما أنه بمراجعة بسيطة لأولئك الأطفال الموقوفين في دور الأحداث فإن غالبيتهم يعانون من إشكالات عاطفية انعكست بشكل مباشر على شخصياتهم وانحرافاتهم. وأخيرا لقد حان الوقت لأن يكون الأطفال هم محور الاهتمام الأول في كل قراره يتخذه الأب أو الأم.