حظيت تقنيات العمل عن بُعد باهتمام المنظمات والجهات المختلفة بمجرد الحاجة الماسة لها بتفشي فيروس كورونا المستجد في نهاية العام قبل الماضي، وظهرت العديد من البرامج في الواجهة كـ(Teams) و(Zoom)، وغيرها من التقنيات والأدوات المعززة لمفهوم العمل عن بعد.

في الحقيقة أن معظم هذه التقينات موجودة قبل اجتياح الفيروس العالم إلا أن الاستعمال المستمر لها جعل مستخدميها يألفون العمل بها، بل ويفضلونها، لاحقاً ظهرت عدة مصطلحات مصاحبة للانتشار الشائع لاستخدام هذه التقنيات في العمل مثل (Work From Anywhere WFA) و(Fully Remote Organization (FROG؛ وتعنى بالترميز للمنظمات التي حولت أعمالها لتتم من أي مكان قد يكون فيه الموظف بدون الحاجة لمقرات قد تزيد من تكاليف رأسمالية تتكبدها هذه المنظمات.

طبيعة الأعمال في المنظمات اختلفت فالثقافة المتفشية قبل كورونا ليست كما بعدها، فيفضل الموظف أو العامل في أي منظمة عند رغبته في عقد اجتماع ما مع جهة أخرى أن يتم ذلك بالبرامج والتقنيات المخصصة للاجتماعات فهي تقلل من حاجته لاستخدام وسيلة لنقله لمقر عقد الاجتماع وحجز المقر وتجهيز بالتقنيات التقليدية اللازمة إلى آخره.

اليوم هناك منظمات تحولت بالكامل للعمل عن بعد، بل إن منها ما يتجاوز عدد الموظفين بها 1000 موظف مثل شركة (Toptal)، وشركة (Crossover) المتخصصين في استقطاب الموهوبين حول العالم، أتمنى أن يتفشى هذا المفهوم لدينا خصوصاً في المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتقليل التكاليف الرأسمالية على هذه المنشآت وزيادة إنتاجية موظفيها.

تعزيز مفهوم العمل عن بعد يسمح للمنظمة استقطاب المبدعين في أي مجال بدون قيود المكان الذي يتواجد فيه أو حتى الدولة التي يسكن بها، كما في المقابل يحقق لك التوسع الافتراضي جغرافياً بما يحقق أهداف المنظمة، ويتيح العمل على مدار الساعة، بالإضافة إلى أن الموظف قد يعمل في بيئة مناسبة أو محببة بالنسبة له فيخلق بيئته الخاصة للعمل.

في آخر إحصاءات لبرنامج (Teams) بنهاية الربع الأول من عام 2021 بلغ عدد مستخدمي البرنامج النشطين ما يزيد على 115 مليون مستخدم حول العالم، بزيادة 53%عن ذات الفترة الزمنية من العام الماضي، كما قامت شركة (Microsoft)، بإضافة أكثر من 100 ممكّن للبرنامج خلال الستة أشهر الماضية لضمان مكانتها كشركة رائدة في هذه الصناعة مثل الخلفية الافتراضية، الشاشة المشتركة، و(together mode)، والذي يضع كافة المستخدمين في خلفية واحدة ليشعرهم بأنهم في نفس المكان، هذا بالإضافة إلى تنافس التطبيقات والبرامج الأخرى في الميزات وعدد المستخدمين ليس المجال لذكرها.

هذا التنافس يخلق تصورا لمستقبل هذه الصناعة لتصبح الاجتماعات الافتراضية أكثر واقعية باستخدام تقنيات الواقع المعزز، خصوصاً مع انتشار السرعات الفائقة للانترنت، فذلك يجعل عقد اجتماع عمل لموظف في شمال الأرض بآخر في جنوبها أقرب من أي وقت مضى.

في السعودية، كانت الخطوات في مواجهة كورونا استباقية باستخدام أحدث التجارب والتقنيات العالمية مبكراً فقد نجحت -على سبيل المثال لا الحصر- في تحويل عمل لجان قمة العشرين للاستعداد لقمة افتراضية بدلاً عن إقامتها في أرض الرياض في وقت وجيز أثبتت للعالم قدرتها على التأقلم السريع في مواجهة أي ظروف طارئة محتملة، وفي سياق هذا المقال فقد عقد مجلس الوزراء مايقارب 61 جلسة عبر الاتصال المرئي، بدءاً من أبريل قبل الماضي.

السؤال، ما مستقبل الشركات والمنظمات مع وجود مثل هذه التقنيات، هل سنجد مقرات «سحابية» لشركات متوسطة وكبرى قريباً بالسعودية؟