المهم أن صاحبنا قال في نفسه بالتأكيد أن جميع هؤلاء الشباب يحملون درجة الدكتوراه في الإعلام وإلا لما وصلوا هنا رغم بيروقراطية التوظيف الإعلامي.
فوصل إلى مقر مدير العلاقات العامة والشراكات والذي هو عبارة عن فواصل زجاجية كمساحة لمكتب بحجم 1.5 متر مربع، يخلو من بهرجة المكاتب العاجية والكنبات الجلدية المذهبة، بل كل شيء مختصر، وبادر صاحبنا بسؤال هذا المدير عن شهادته، فأجاب «بكالورويوس تربية خاصة» فكأن صاحبنا يقول «أجل وش جايبك هنا؟!»، فالعالم العربي بأكمله لا زال ينظر لورقتك أكثر مما ينظر إليك، مما جعلنا من أكثر بلدان العالم معاناة من الشهادات المزورة.
فأجابه مدير العلاقات باختصار نحن هنا نبحث عن المهارة «وبس»، فقد تجد لدينا مصمم جرافيكس لا يحمل سوى شهادة الثانوية العامة، ولكنه يتقاضى راتب طبيب لأنه من أمهر شباب المملكة في الجرافيكس، وقد تجد زميلا لدينا يعمل سابقا كمعلم لمادة الرياضيات، وحاليا يعمل معنا كقائد للتحول السينمائي السعودي، فقط لأن لديه مهارة تقييم ونقد الأفلام السينمائية العالمية، ويعرف عنها أكثر مما يعرف «العم قوقل» من تكلفة الإنتاج وصعوبات التصوير ومشاكل الإخراج والأخطاء المرتكبة و.... و.....إلخ، وتجد أن لدينا شبابا لا يملكون في سيرتهم الذاتية سوى أنهم قاموا بتأليف كتب حصلت على جوائز الأكثر تأثيرا وهذا ما يهمنا، وخرج صاحبنا وقد جعلته الفرحة ينسى ما أتى إليه، وكأن الحياة دبت في عروقه بعد أن نشفت.
ما أريد قوله إن هذا باختصار مثال لما يريد أن يقودنا إليه قائد الشباب سمو ولي العهد، حينما تحدث عن طريقة تغيير التعليم من التلقين، ليكون التعليم بناء على الـ Skills التي يمتلكها المتعلم كأحد توجهات رؤية 2030، مما ينشئ لدينا جيلا من الخارقين، جيلا لا يكون التركيز على جوانب الضعف لديه لتقويتها فيصبح طبيعيا، بل يتم التركيز على جوانب القوة المهارية لديه فيصبح أسطوريا، وكي تعرف وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أهمية إدخال معيار الـ Skills في تقييماتها للمفاضلة فـ(التواصل الحكومي مثال للـ Skills).