اتضح لاحقا أن هذا المدير أحد طلاب الهندسة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن قبل 40 عاما، وعلى الرغم من أنه لم يستطع إكمال تعليمه آنذاك، فإنه واصل رحلة الـSelf Education، بل والثقافة الذاتية، فقد يعطيك مختصرات لحسابات المساحات والكميات بـ3 كلمات، ويختصر لك علم الفيزياء في جملتين من الطبيعة من حولك، ويربطها بالعلاقة الكيميائية الموصلة لذلك، حتى إنه يعطي أبناءه وبناته الجامعيين دروسا خصوصية في هذه التخصصات بثقافة «التبسيط» التي يفتقدها بعض الأساتذة هذا اليوم وللأسف. أما في بيئة العمل، فهو متجدد، وما زال يرى نفسه قيد التعليم والتطوير، حتى إنه حصل على ما يزيد على 60 دورة، ربعها على الأقل في السنوات الأخيرة، ومع ذلك سيتقاعد عما قريب.
أما في الجانب الآخر، فقد نجد شابا حصل على خطاب تعيينه للتو في وظيفة حكومية، وكأنه قد حصل على خطاب للتقاعد. وعلى الرغم من أنه كان «فلتة زمانه» في الجامعة، وما بعد الجامعة من استمرارية التطوير لنفسه، فإنه، وفور أن ضمن حصوله على هذه الوظيفة، يطفئ محركات عقله، وما هي إلا فترة قليلة ولن تجده ينجز سوى الأعمال الروتينية وبرتابة قاتلة، تجعله ناقلا لهذه العدوى إلى كل من ينضم لإدارته، ليصبحوا مقرا لمهارات «تطفيش» العملاء والمستفيدين، وتعطيل كل آلية وابتكار وتطوير قد تخدمهم بجودة تختصر الجهد والوقت.
فما بين هذا «الشايب» الذي ما زال عقله في ريعان شبابه، وبين شاب قد أحال عقله للتقاعد المبطن، ليحضر للعمل جسدا بلا روح، وجل همه «قطة الاستراحة» و«معرفة سبب طلاق المشهورة الفلانية»، فهل من الممكن أن يأتي يوما ونسمع عن اختبار للموظفين يحدد «العمر التقاعدي للعقل»؟!.