حوّل مهتمون بتربية الماعز البيشي (نسبة إلى محافظة بيش الواقعة شمال منطقة جازان) سوق المحافظة إلى ملتقى أسبوعي يعقد كل جمعة، يتبادل فيه المهتمون ببيع وشراء نتاج ماعزهم، المعروف بأنه أصيل السلالة جميل الشكل، ولا يلد إلا أكثر من مولودين، ما يجعله غزير الإنتاج وفير اللحم واللبن.

وتكللت الجهود الذاتية لعشاق التراث، هواة ومحبي تربية الماعز البيشي العربي الأصيل والنادر، بعودة البيشيات إلى موطنها، حيث بات السوق مكملًا وأساسيًا للمهرجانات والملتقيات السنوية والأسبوعية التي شغفت بالاهتمام بهذا الماعز، ما جعلها مقصدًا للكثير من محبيه من مختلف مناطق المملكة.

بريمه والحراج


في جولة لـ«الوطن» على أرجاء سوق الماعز البيشي، تبين أن ملاك مراحات مختلفة من جميع قرى المحافظة يبدؤون التوافد من الرابعة عصر الجمعة من كل أسبوع إلى السوق، حيث يقوم معلق الدورات الرياضية الشهير ببيش «بريمه» بافتتاح المزاد وإلى جانبه يقف كبار المربين مرحبين بالجميع، خصوصًا من يفد إليهم من خارج المنطقة، وعندها يبدأ الشاب بريمه بالحراج على كل سلالة على حدة في شبك خاص، وكأنه يصف مباراة كرة قدم مستعينًا بخبرته في مجال التعليق، وأيضًا لا ينسى نفسه لأنه من هواة تربية الماعز البيشي، ويملك كذلك سلالات نادرة منها.

البداية انطلقت من مراح الحواف، حيث وصل سعر إحدى الخبيش مبلغ 8 آلاف ريال، وبعضها تعدت الـ15 ألف ريال، وأقفل المزاد من قبل صاحب المراح دون بيع نظرًا لعدم وصول السعر المطلوب ليستمر الحراج من مراح إلى آخر كعادته في كل أسبوع.

جماليات وأشكال

أوضح رئيس اللجنة المنظمة لملتقى الماعز البيشي، عضو لجنة خبراء تربية الماعز بوزارة البيئة والمياه والزراعة حسن محسن خرمي لـ«الوطن» أن «الماعز البيشي هو أحد أنواع الماعز التي تتميز بأوصاف أعطته جماليات وأشكالًا وأهمية عن غيره من الماعز، حيث تعود أصوله إلى عهد قديم جدًا من زمن الآباء والأجداد، وقد حظي بعناية واهتمام كبيرين من مربيه فكانوا يجوبون البراري ويقطعون المسافات الطويلة للحصول على أفضل المراعي المناسبة له، وهناك كثير من القبائل التي اشتهرت بتربيتها للماعز البيشي التي تقطن في بيش وضواحيها، ولأن ظروف المعيشة كانت قاسية فكثير من المربين لم يستطيعوا المحافظة على هذا الماعز الذي صارت أعداده نادرة، ولم يبق إلا عند قليل من المربين ممن استمروا بالحفاظ على سلالته حتى وقتنا الحاضر».

الموطن الأساسي

بيّن خرمي أن الموطن الأساسي للماعز البيشي هو جنوب المملكة العربية السعودية، حيث يعد من مواشي الجزيرة العربية، وتسمى رؤوسه «بيشيات» على اسم مدينة بيش، وهو يتميز بلونه الأبيض الناصع، وجمال الشكل، مع كبر الجرم وجمال الوجه وتناسق الألوان ووفرة الحليب وحصافة الشعر وجمال المنظر.

وقال «لكل لون اسم يشتهر به، فهناك العشماء، وهي تتميز بسواد الأذن والعين، والكحلا وهي التي يكون السواد على عينيها، والطرفا وهي ذات الإحمرار الخفيف على عينيها، والعفراء وهي ذات اللون الأبيض الناصع، والمرخا وهي التي يوجد فيها سواد خفيف من رأسها يمتد إلى ظهرها، والدرعاء وهي التي يوجد طبع سوداء على جسمها، والمسلبة وهي التي يكون السواد أو الاحمرار على فخذها، وتتصف ضروعها بالمحذل والمصبب.

كما تمتاز البيشيات بالقرون، ومنها الكشا والدلا والخدعاء والوكساء».

إنتاجية التوائم

أشار خرمي إلى أن الماعز البيشي تمتاز بأن وزنها يتراوح بين 30 إلى 50 كلج، ونسبة ولادات التوائم فيها غالبا ما تكون 90%، ومقاومتها ممتازة للأمراض، كما أنها من أكثر الأنواع تأقلمًا في المناطق الحارة، ويمكن تربيتها بأقل التكاليف، ومع ذلك يكون إنتاجها في أحسن حال، وهذه ميزة اقتصادية مهمة، وعند التركيز عليها في العلف فإنها تعطي إنتاجًا مميزًا وتتغير أشكالها إلى الأحسن.

وعن إنتاجها في الحليب، قال «إنتاجيتها من الحليب عالية جدًا، فهي مدرة للحليب، ونظرًا لعدم توفر جمعيات متخصصة لدعم المربين بحيث تسوق إنتاج الحليب والأجبان يهمل المربون الحليب المتوفر فيها بنسبة 50%، وهو الزائد عن حاجة صغارها، والذي يعد ثروة لو تم توفير مستورد له».

أما عن إنتاجها للحوم، فيقول «وبالنسبة لإنتاجية اللحوم فساهم تكوينها الجسماني مع تكوين الأنسجة العضلية في جعلها من أحسن الأنواع التي يمكن تطويرها لإنتاج اللحم، وبالتالي يمكن اعتبارها حيوانات ثنائية الغرض، حيث تصل نسبة اللحوم فيها إلى 90%».

ملتقيات ومهرجانات

يوضح خرمي أن الماعز البيشي انتشر على مستوى المملكة عن طريق تجار الماشية والهواة، ابتداء من الليث وحلي والقنفذة والقوز ومكة المكرمة وجدة والمدينة والطائف والباحة وأبها والخميس وطريب والرياض والخرج والمنطقة الشرقية والقصيم، وكل ذلك انطلاقًا من بيش وقراها، ونسبت السلالة لأهلها.

وبيّن أن المربين للماعز البيشي بمنطقة جازان ينتمون إلى معظم قبائل بيش وقراها بصفة عامة، وكل قبيلة تمتاز بصفة مميزة لماعزها تضفي عليها نوعًا من الجمال والتميز، وقد أقيمت عدد من الملتقيات والمهرجانات المهتمة بالماعز البيشي، وكان آخرها العام الماضي وهو بمثابة امتداد لملتقيات سابقة كملتقى الخرج التعريفي بالماعز البيشي عام 1436، وملتقى ملاك الماعز البيشي بجدة عام 1438، وملتقى الأصالة لملاك الماعز البيشي بدوقة عام 1439، وملتقى ملاك الماعز البيشي بمنطقة جازان عام 1440، وفي هذه الملتقيات تتم عدد من المسابقات لإظهار جمال ومميزات الماعز البيشي.

وشدد على أن من أهداف هذه الملتقيات توثيق السلالة في وزارة الزراعة باسم المنطقة، والمحافظة على السلالة ودعم انتشارها على مستوى المملكة وخارجها، ولإقامة الملتقيات والندوات التعريفية عن الماعز البيشي وطرق تربيته، وتشجيع المربين على المحافظة على الثروة الحيوانية، وتثقيف المربين على طرق العلاج والوقاية من الأمراض، وإنشاء جمعية عمومية بمدينة بيش لمربي وملاك الماعز البيشي من شأنها دعم المربين والملاك، وإقامة مهرجان سنوي بمحافظة بيش يحمل مسمى المحافظة للتأكيد على أصالة الماعز البيشي.

ملتقى أسبوعي

يقول حسين العبدلي وهو مالك مراح الشمس لـ«الوطن» «أنا من هواة تربية الماعز البيشي، وقد شاركت في ملتقى مدينة جدة وحصلت على المركز الأول».

وبيّن أن سعر الماعز البيشي ارتفع منذ عام ونصف العام، حيث وصل سعر بعضها إلى 30 ألف ريال، وبعضها 40 ألفًا و50 ألفًا وحتى 100 ألف ريال.

وأكد العبدلي «لدينا مشاريع بيع في مراح الشمس لبعض المزايين من سن 12 يومًا إلى 15 يومًا بيعت بـ15 ألفًا وحتى 17 ألف ريال، وكلها مشاريع صغيرة، وهي نتاج فحول أصيلة، فالمربون يهتمون بحفظ نسبها عن طريق معرفة آبائها وأمهاتها من الماعز البيشي، لأن ذلك يزيد من سعرها، وأي خطأ في تحقيق النسب يجعل فرصة بيع الجميل منها مهددًا في ظل وجود مربين ومراقبين ذوي خبرة وحصافة يعرفون جيدًا نسب هذه الماعز وأعمارها وأطوالها ومقاساتها وكل مواصفاتها».

وأشار إلى فكرة تحويل السوق الشعبي الأسبوعي إلى ملتقى أسبوعي لهواة وملاك الماعز البيشي، حيث إنه من المعروف أن موعد السوق كل سبت صباحًا، ولكن لعموم الماشية، قمنا نحن بتخصيص يوم الجمعة من بعد صلاة العصر ليكون سوقًا خاصًا بالبيشيات فقط، فيتوافد عليه من كل مكان من بيشة والقنفذة وحلي القوز ومحايل، وتتم فيه عمليات البيع والشراء عن طريق الحراج.

موروث شعبي

إلى ذلك، أوضح أبو أحمد الوشيلي، مالك مراح الوشيلي لـ«الوطن» أنه نشأت فكرة المهرجان التعريفي بالماعز البيشي العام الماضي بجهود ذاتية من هواة تربية الماعز البيشي لإحياء هذا الموروث الشعبي، وبتوجيهات وزارة البيئة والمياه والزراعة، وكان مهرجانًا تعريفيًا وتثقيفيًا لاقى نجاحًا باهرًا، ما حدا بوزارة البيئة إلى إقامة مهرجانات متعددة على مستوى المملكة في سلالات أخرى مثل الماعز العارضي والماعز القزم والماعز الجبلي وغيرها، ونحن الآن على أعتاب قرب المهرجان المقبل للملتقى السادس الذي بقي عليه 3 أشهر والتحضيرات والتجهيزات جارية على قدم وساق لأنه أخذ الصفة الرسمية بتنظيمه كل عام في بيش، وهي الموطن الأصلي لهذا النوع من الماعز الأصيل والنادر.

وأكد أن هذا المهرجان سيعود بالنفع على المحافظة بعدد من الفرص الاستثمارية والسياحية لما يشهده من توافد عدد من الزوار من المملكة وخارجها من دول الخليج، وأما ما يخص تربية الماعز البيشي فله خصوصية من حيث دراسة الأمهات المنتجة، وكم تنتج في السنة، والمحافظة على التطعيمات، والمحافظة على نهجها الغذائي وكل ذلك يتم عن طريق ترقيم الأمهات وأولادها، وأيضًا يتم عزل الخبيش عن الفحول إلى سن معين حتى تكون قادرة على الإنتاجية في المستقبل.

من مميزات الماعز البيشي

التأقلم مع المناطق الحارة

تعيش على أقل التكاليف

إنتاجها عال في الحليب واللحوم

جمال الشكل

بياض ناصع

كبر الجرم

جمال الوجه

تناسق الألوان

وفرة اللحوم والحليب

حصافة الشعر وجمال المنظر

أوزانها ونسب إنتاجها

من 30 إلى 50 كلج

إنتاجية التوائم 90%

إنتاجية اللحوم 90%

إنتاجية الحليب 50%

ملتقيات الماعز البيشي

ملتقى الخرج 1436

ملتقى جدة 1438

ملتقى دوقة 1439

ملتقى جازان 1440

من أسماء الماعز البيشي

العشماء

الكحلا

الطرفا

العفراء

المرخا

الدرعاء

المسلبة

الكشا

الدلا

الخدعاء

الوكساء