إذا كانت مقولة إن «الكتاب يبان من عنوانه» قد سادت منذ القدم، فإن مداخل المدن تعد بمثابة العناوين لما خلفها من مدن تترامى هنا وهناك، وتتسع أحيانا في كل الاتجاهات، فتتغير مداخلها المعتادة، وتصبح بعض ضواحيها جزءا من كيانها المتصل والمتلاص، ما يجعل الحاجة ماسة لتعديل المداخل، والحفاظ على رونقها لأداء دورها كواجهات حضارية لمدنها.

وتتباين أوضاع مداخل المدن في المملكة، وإن كان معظمها يفتقر لما يمكن تسميته بوابات حقيقية بمجسمات جمالية، ويكتفي كثير منها بلوحة إرشادية تشير إلى دخول حدود المدينة، وأحيانا بنقاط مرور تفتيشية توحي لمستخدمي الطرق أنهم على مشارف دخول هذه المدينة أو تلك.

وفي وقت تهتم فيه كثير من المدن العالمية بأن تجعل مداخلها بما فيها الطرق المؤدية لهذه المداخل وكأنها ميادين عرض مغرية تحفز العابرين على زيارة المدينة والاطلاع على ما تقدمه من رقي وجمال، وما تجنيه جراء ذلك من حركة اقتصادية وتنموية نشطة تنعكس خيراً على قاطنيها، تلتهم التشوهات مداخل كثير من مدننا، وتطغى على اللمسات الجمالية القليلة فيها حتى تكاد تلتهمها، حيث تترامى على أطراف ومداخل بعض المدن ورش صناعية وأحواش مواشي وبقايا نفايات مصانع أو غيرها بكل الضجيج والتشوه البصري وحتى التلوث الذي تحدثه، وحركة المرور غير المنضبطة التي تشهدها ما يجعل من تلك المداخل كابوسا منفرا، وانطباعا أولا بالغ السوء قد يصرف الزائر عن جمال ما سيجده لاحقا في المدينة.


وتمثل مداخل المدن كيانا عمرانيا لأي مدينة، ومحيطا إقليميا لها، تعزز الواجهة الحضارية، وتدل على التطور والتنمية، وتعبر عن تاريخها، وتعطي انطباعا للزوار القادمين لها.

ويصطدم كثير من الزوار من عدم معرفتهم حدود المدن، نتيجة غياب بواباتها، والعبارات الترحيبية، وهو ما يضطرهم لاستخدام الخرائط الإلكترونية لضمان عبورهم وتدفقهم بلا توهان نحو المدينة.

وفي عدد اليوم نعرض لمداخل عدد من مدن المملكة، ابتداء من العاصمة، مع الاتجاه غربا نحو عروس البحر الأحمر جدة، ووصولا إلى أقصى الجنوب في جازان.

الرياض

تعد الرياض مركزاً لمواصلات المملكة، فهي ترتبط بالمناطق الأخرى بشبكة من الطرق البرية والجوية، ولديها عدد من المداخل الرئيسة التي تفاوت أحوالها من نواح عدة، سواء لجهة الاهتمام أو المنظر الجمالي لتلك المداخل، فمنها الجميل والمناسب، ومنها ما يحتاج إلى تطوير، ومنها ما هو سيئ للغاية ويعد تشويها بصريا يعطي انطباعا غير محبب لكل من يدلف إلى العاصمة من خلاله، مع وجود قاسم مشترك بين كافة المداخل، يتمثل في نقص التشجير وقلة المساحات الخضراء.

المدخل الشمالي للعاصمة الذي يلتقي مع الضلع الشمالي للطريق الدائري، ويؤدي إلى صلبوخ والقصيم، يعد من أهم مداخل الرياض، ويجذب اهتمام الداخلين للمدينة مشهد المؤسسات الصحفية والأبراج الشاهقة والجميلة، بداية من أبراج مدينة الملك عبدالله المالية، إضافة إلى عشرات المطاعم والكافيهات الشهيرة.

وجنوبا يلفت انتباه من يدخل العاصمة من مدخلها الجنوبي تناثر الهناجر القديمة وبعض المصانع المهجورة على جانبي الطريق، مع كثافة كبيرة للشاحنات باختلاف أنواعها في معظم الأوقات، وبينما يشهد المدخل انسيابية صباحا وظهرا، يتحول للاختناقات بدءا من العصر وحتى الليل، وتحديدا من بداية مصنع أسمنت اليمامة.

وعند دخول الرياض أكثر يتضح أن الطريق مسفلت بشكل جيد وخال من الحفر والعيوب، كما تظهر عدد من المصانع باختلاف أنواعها فهناك مصانع رخام وأسمنت ومخازن لمختلف البضائع والمنتجات وبعد فتره قد تجد مخازن مهجورة وغير مستخدمة، كما تشم في مناطق معينة روائح قبيحة ناجمة عن المصانع.

نقطة سوداء

يعد المدخل الشرقي للرياض نقطة سوداء في ثوب العاصمة الأبيض، حيث يعد الأكثر إهمالا وخرابا بشكل لا يليق بالعاصمة، ويعاني مستخدموه منذ سنوات من ضيقه وخرابه وكذلك من زحامه الشديد، وانتشار الكسارات ومواقع التعدين حوله مع ما تنتجه من تلوث بيئي وبصري، ناهيك عن الأحواش الخشبية والحفر والخيم، والشاحنات فيه مصائد كبيرة للسيارات الصغيرة والبشر.

في المقابل، يعد المدخل الغربي من أفضل وأحدث مداخل الرياض، حيث تصافح أنظار القادمين من جهة الغرب المجسمات الجمالية والأشجار، وعدد من المطاعم والكافيهات الحديثة.

ويشاهد القادم عبر البوابة الغربية أعمال الإنشاء الخاصة بحديقة الملك عبدالله العامة التي تعد أكبر حديقة مغطاة في العالم، إلا أنه وفي الوقت نفسه تتجسد مشاهد مناقضة على يسار الطريق حيث يوجد سوق الأغنام ومشاهد مشوهة للبصر، أما حركة السير فتكون انسيابية في الطريق بكل أوقاته، والطريق ممهد بشكل جيد في مساريه ومسفلت بشكل ممتاز.

مخططات للمداخل

اعتمدت الهيئة الملكية لتطوير الرياض قبل أكثر من 3 سنوات مخططات ومواقع 10 مداخل لمدينة الرياض، تشمل 4 مداخل رئيسة على الطرق الرئيسة الرابطة بين الرياض وكل من: القصيم، الدمام، الخرج، وجدة، و5 مداخل فرعية على كل من طريق صلبوخ، الجنادرية، خريص، الحائر- الحوطة، وديراب، إضافة إلى مدخل سكة الحديد الدمام، وذلك بعد دراسة أوضاعها الراهنة وتحديد الفرص والمعوقات وأحجام الحركة المرورية الحالية والمستقبلية في كل مدخل، والاطلاع على عدد من التجارب والنماذج المحلية والعالمية للاستفادة منها في جوانب التصميم، والخدمات، والمواقف، والجوانب الأمنية، واختيار المواقع الأكثر ملاءمة لكل مدخل بناء على مجموعة من المعايير الأمنية، والعمرانية، والاقتصادية، والنقل والمرور والبيئة والمرافق العامة.

وتضمنت مخططات المداخل كافة متطلباتها في الجوانب العمرانية من حيث إعداد التصاميم المميزة، وتنسيق محاور الطرق، وفي الجوانب الاقتصادية والخدمية، من توفير مراكز للخدمات الحكومية كالدفاع المدني، والإسعاف، والمسجد ودورات المياه، وتخصيص مساحات للأنشطة التجارية مثل المحلات، ومحطات الوقود، والمطاعم، والمقاهي، والفنادق، ومناطق التخزين، فضلا عن تحقيق متطلباتها الأمنية والمرورية، من تحديد مواقع نقاط التفتيش، وتسهيل انسيابية الحركة المرورية، وإقامة جسور للمشاة تربط جهتي الطريق، ووضع طرق بديلة للشاحنات المارة بالمدينة إلى وجهات أخرى، إضافة إلى إجراءات تنفيذية عاجلة لمعالجة أوضاع المداخل الراهنة، مثل تحديد موقع لحجز الشاحنات عند مدخل طريق ديراب، وتنفيذ تحسينات للتصميم العمراني على محاور طرق المداخل، وإزالة أنشطة الاستعمالات المخالفة، مثل المخيمات والأحواش، والباعة المتجولين، والأنشطة الترفيهية غير النظامية، وتطبيق الضوابط الخاصة بتنظيم المخيمات، إلى جانب وضع خطة استثمارية لتحديد الفرص الاستثمارية المتاحة أمام القطاع الخاص.

جدة

للعبور إلى داخل جدة ثمة أربعة مداخل رئيسة، اثنان منها في جهة الشرق، وثالث من الجنوب، ورابع من الشمال، وبينت جولة ميدانية لـ«الوطن» أن اثنين من هذه المداخل يشوبها التشوه البصري، فالقادمون من الجموم يستقبلهم مردم النفايات على الجهة اليسرى بروائحه الكريهة التي تملأ المكان، وفي الجهة المقابلة أحواش المواشي العشوائية.

أما في المدخل الجنوبي للقادمين من طريق الساحل فتصادف العابرين ورش إصلاح السيارات والشاحنات ومعارض للسيارات وسيارات معطلة مرمية على جنبات الطريق.

جازان

في جازان، تشهد بعض مدنها ملامح غائبة، وتفتقر إلى مداخل وبوابات، ويعزو كثير من المختصين أسباب غيابها إلى تداخل الحدود الإدارية بين طرقها المترابطة، وتداخل الطرق بين بلديات، ما أدى إلى افتقادها لوجود المداخل والمخارج.

ولجازان ثلاثة مداخل، جنوبي، وشمالي، وشرقي، لكنها جميعها تعاني من تشوهات لا تتلاءم مع نمو المدينة ونهضتها المستمرة، حيث تصادف القادمين جنوبا من صامطة والمسارحة من إشارة الكربوس محلات تجارية، وبناشر، ومقاه ومطاعم، وتصادف القادمين شمالا من صبيا محال تجارية، أما القادمون شرقا من أبوعريش والعارضة فتصادفهم مزارع ومدرسة، وكسارات، ومقهى، ومطاعم.

التحول إلى مواقع جمالية

في ظل تواضع كثير من مداخل المدن، وعدم تأديتها للغرض الكامل منها، طالب مواطنون بالاستعانة بمصممين أكفاء، والاستعانة بالفنانين التشكيليين، والاستفادة منهم في تحويل مداخل المدن إلى مواقع فنية جمالية تعكس للزائرين تراث وحضارة هذه المدن، إلى جانب قيام البلديات بتنفيذ خطط وإستراتيجيات ملائمة لرؤية المملكة 2030، والتركيز على التنمية.

وأكد عضو الهيئة السعودية للمهندسين المهندس عبدالله حمدي لـ«الوطن»، أن «مدخل أي مدينة يمثل كياناً عمرانياً للمدينة ومحيطها الإقليمي، ويُعد واجهة حضارية تدل على التطور، وهو الحيز المكاني الذي يتم من خلاله الدخول إلى كتلتها العمرانية».

وأشار «عادة ما يكون الانطباع الأول عن مكان ما هو الذي يرسخ في ذهن المرء، وينطبق ذلك على القادمين إلى مدن المملكة من خلال مداخلها، والتي تعطيك الانطباع بمدى تطورها وتحضرها».

وأضاف «مدن المملكة تطورت عمرانياً وتجارياً، وشهدت وما زالت تشهد مشروعات ضخمة، إلا أن هذا التطوير لم يصل إلى مداخل مدنها، والتي هي بحاجة ماسة لتطويرها لتكون واجهة حسنة لها تعبر عن تاريخها ونهضتها العمرانية، وتاريخ كل منطقة وتراثها الأصيل».

وتابع «يجب وضع خطط تطويرية، تبدأ من دراسة المدن تاريخيا، عبر تراثها، مرورا بنهضتها، ورصد تطورها منذ فجر التاريخ، وإلقاء الضوء على تطور وسائل النقل والمواصلات، وعلاقتها بمداخل المدن، ومن ثم دراستها للخروج في النهاية بأسس ومعايير تخطيطية متميزة»، مبينا أن أسباب غياب جماليات بعض المدن يعود إلى خطط وأولويات المسؤولين في تلك المدن، وحتماً في المستقبل ستكون الأولويات لمداخل المدن، والتركيز على جمالياتها.

قرارات مستقبلية

أوضح رئيس المجلس البلدي في محافظة أبوعريش بمنطقة جازان ناصر الشريف لـ«الوطن»، أن المجلس البلدي اعتمد قرارات بتطوير وتحسين المحافظة، مشيرا إلى أنه تم اعتماد إنشاء واستحداث مجسمات جمالية بمداخل أبو عريش، تعكس تراثها المميز، مضيفا أنه تم الرفع بها إلى البلدية لتنفيذها مستقبلا.

دعم التنمية

بين الأمين العام لجمعية جسفت جازان الفنية خالد شريفي لـ«الوطن»، أن الجمعية ستكون رافدا قويا لدعم الجوانب التشكيلية في منطقة جازان، والمشاركة في إبرازها، ووضع التصاميم متى ما وجدت الدعم من البلديات، مشيرا إلى أن جازان تزخر بالمواهب الفنية والتشكيلية، وسيشكلون إضافة كبيرة لنمو المحافظات.

يذكر أن مختلف أمانات المناطق شهدت حالة استنفار بعد تلقيها هذا العام خطابا من وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان ماجد الحقيل، تضمن سرعة معالجة العناصر الأساسية للتشوه البصري في المدن الرئيسة خلال فترة 90 يوماً، ورفع وتيرة العمل في إصلاح الأساسيات والتشريعات والممكنات والرقابة والمتابعة.

الرياض

المداخل الرئيسة

1ـ المدخل الشمالي الشرقي، ويؤدي إلى مدينة الدمام.

2ـ المدخل الشرقي، وهو امتداد لطريق مكة المكرمة باتجاه الشرق، ويؤدي إلى خريص والدمام.

3ـ المداخل الجنوبية، وتلتقي جميعها مع الضلع الجنوبي بطريق الرياض الدائري، وهو امتداد للضلع الشرقي وطريق ديراب.

4ـ المدخل الغربي، وهو امتداد لطريق مكة المكرمة غرباً، إلى المزاحمية والطائف ومكة المكرمة.

5ـ المداخل الشمالية، وتلتقي مع الضلع الشمالي للطريق الدائري، ويؤدي إلى صلبوخ والقصيم

حركة سير المركبات على مداخل المدن خلال أسبوع (من 5 إلى 11 أغسطس الماضي).

الرياض

422583

مركبة

60369

المتوسط اليومي

109

كم/ الساعة، متوسط السرعة

مكة المكرمة

541488

مركبة

77355

مركبة، المتوسط اليومي

107

كم، متوسط السرعة

المدينة المنورة

496898

مركبة

70985

مركبة، المتوسط اليومي

96

كم، متوسط السرعة

جدة

474935

مركبة

67848

مركبة، المتوسط اليومي

82

كم، متوسط السرعة

أبها

200114

مركبة

28588

مركبة، المتوسط اليومي

74

كم، متوسط السرعة

الطائف

355672

مركبة

50810

مركبة، المتوسط اليومي

96

كم، متوسط السرعة

الدمام

871249

مركبة

17700

مركبة، المتوسط اليومي

96

كم، متوسط السرعة

الباحة

204203

مركبات

29.172

مركبة، المتوسط اليومي

71

كم، متوسط السرعة

بريدة

184.001

مركبة

26.286

مركبة، المتوسط اليومي

83

كم، متوسط السرعة

حائل

69.494

مركبة

9928

مركبة، المتوسط اليومي

100

كم، متوسط السرعة

تبوك

53051

مركبة

7.579

مركبة، المتوسط اليومي

95

كم، متوسط السرعة

نجران

81600

مركبة

11659

مركبة، المتوسط اليومي

98

كم، متوسط السرعة