في إحدى مناطق المملكة حديثة النهضة العمرانية، تم بناء مدينة جامعية على مساحة 18 مليون متر مربع، ثلاثة أرباع تلك المساحة أرض قاحلة حتى هذا اليوم، وأمام بوابة تلك الجامعة تم بناء مشروع لوزارة الإسكان آنذاك يضم أكثر من 1000 وحدة سكنية، ويخدم الجامعة والأحياء الناشئة حولها ومشروع ذلك الإسكان مركز إسعاف واحد بداخل تلك الجامعة، وفي أي بلاغ يتلقاه ذلك المركز، وبعد حمل المصاب فعليه أن يقطع ما يقارب الـ35 دقيقة ليصل إلى أقرب طوارئ له، بينما لو التفت ذلك الإسعاف شرقا من موقع انطلاقه ولم يجد حائط تلك الجامعة يمنعه من الوصول إلى طريق تم إنشاؤه وتوقف بمجرد أن وصل إلى جدار تلك الجامعة فإنه سيستغرق قرابة 12 دقيقة فقط ليصل إلى طوارئ مستشفى «موظفوه يهشون الذباب» من «الفضاوة»، بينما الطوارئ الأخرى على بعد 35 دقيقة يصل بها انتظار الحالات المتوسطة الخطورة إلى عدة ساعات، بينما قامت الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض بحل مشكلة مشابهة بشق طريقين عبر قاعدة الملك سلمان الجوية بمدينة الرياض، وتحولت تلك المنطقة لمناطق عالية الاستثمار بعد أن كانت قفارًا قاحلة، أما هذه الجامعة وجدارها فلا يحتاج سوى شق صغير وستتحول القفار بشرقها إلى فرص للاستثمار البلدي بمبالغ مليونية.

أما في المشهد الثاني بتلك المنطقة فتجد أنه تم افتتاح أكبر مول، وبجانبه أحد الفنادق الفاخرة، والمول والفندق ليس لهما View على الشلالات أو الحدائق بل على السجن المركزي بالمنطقة الذي يغطي مساحة هائلة لو تحولت لاستثمار بلدي لعادت على الوزارة بمئات الملايين، وليس مستحيلا أن تعقد اتفاقية بين الوزارة وبين المديرية العامة للسجون، بأن تغطي الوزارة تكلفة إنشاء ونقل هذا السجن خارج تلك المنطقة «الذهبية»، مقابل أن تحصل على هذا الموقع الاستثماري، والذي لا يهم السجين إن كان مسجونا في منطقة استثمارية أم لا، وهنا كان اقتراح لأحد مدراء فروع هيئة حقوق الإنسان بعد زيارته لعدة سجون حول المملكة، باقتراح إنشاء سجن مركزي واحد على مستوى المملكة للأجانب «الذين ليس لهم عائلات في المملكة»، وبهذا يعيشون في مكان أرحب ويخف الزحام على السجناء المواطنين الملزومين بقضاء فترات محكوميتهم بالقرب من أسرهم.

أما المشهد الثالث فهي المشكلة التي طرحها أحد منسوبي الأمانة بمحافظة ما، وهي معاملة الوزارة للاستثمار بـ«المساواة» وليس «العدل»، فتجد أن الوزارة قد تفرض رسومًا استثمارية لموقع إنشاء محطة فئة «ج» مثلا في أحد أحياء مدينة جدة، وتفرض نفس الرسوم على محطة بنفس الفئة ولكنها على حدود كثبان الربع الخالي، بينما المفترض أن الأحياء في نفس المدينة الواحدة لا تعامل بالمساواة، فليس دخل فرصة استثمارية بحي العليا مثل دخل فرصة استثمارية بحي منفوحة أو خنشليلة، فأليس من الأفضل ربط رسوم الاستثمار البلدي بسعر متر الأرض مثلا في الموقع، أو غيره من عوامل التقييم التي تجعل المنافسة الاستثمارية البلدية أكثر عدالة.

ما أريد قوله إن دمج وزارتين لتصبحا وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان هي نتاج أفكار أميرنا الحالم لاختصار الوقت والجهد، والذي قال إن المملكة أرض الحالمين، فلماذا لا نحلم بتغيير التخطيط العمراني من حولنا وقد نبدأ ذلك بـ(أحلام بسيطة لتطوير الاستثمار البلدي).