في حديث جانبي مع أحد الأمثلة الوطنية في حب العطاء، وتسخير المال والجهد والوقت في سبيل تنمية الغطاء النباتي والمحاربة لتنميته، أحد أعضاء جمعية لرابطة خضراء والبالغ من العمر 60 عاما تقريبا، ولكنه يظهر في ريعان شبابه إن كان هناك ما يخص الاهتمام بالنبات والمحافظة عليه، وتطرق الحديث لما تشهده المملكة من تحول جذري تجاه الاهتمام بالتشجير ومكافحة التصحر، وكيف أننا نمر حاليا بأضرار إهمالنا السابق تجاهها، وكيف ستعيد خطة ولي العهد لزراعة 10 مليارات شجرة في المملكة والمشاركة برفعها إلى 50 مليار شجرة في المنطقة ككل، ستحول الجزيرة العربية بأكملها إلى واحات غناء.

المهم أنه وفي سياق الحديث، كان يشرح كيف أن مشكلتنا مع الشجرة تنبع من ضعف أفكارنا الاستثمارية تجاه الغطاء الأخضر بشكل عام، وكيف أننا نستعجل النتائج، فالاحتطاب الجائر لن يكون جائرا لو أننا كنا مهتمين في الأصل بالحياة الطبيعية للأشجار البرية، بل إننا حاليا لم نفكر في زراعة ثقافة الاستثمار البسيط في الأشجار والنباتات والأزهار، فتجد المرأة قد تخسر مبلغا كبيرا في شراء الورود من محلات بجانبها ولا تفكر في زراعتها بطريقة استثمارية قد تكون دخلا يكفي لأسرة كاملة.

كان يقول إنه تأتي إليه نساء مطلقات وأرامل يردن أن يحصلن على بذور مجانية، وحينما يبدأ معهن الحديث عن إمكانية استئجار جزء من مشتل، أو تخصيص جزء من البيت في حال كانت مساحته تسمح بذلك، باستثماره في الثروة النباتية حتى ولو وصل إلى زراعة الفواكه والخضروات وغيرها من التي يسيطر عليها الوافد الأجنبي، وكأن لسان حالهن يقول «من وين فلوس؟»، فرغم أن هناك صندوق التنمية الزراعية فإن شروطه لا تنطبق عليهن، وهناك برامج مثل (ريف) وغيره، إلا أنها لا تعطي مبلغا كافيا لبداية حقيقية مثل المبلغ الذي يقرضه بنك التنمية الاجتماعية تحت مسمى «العمل الحر»، وإن عزمت القادرات منهن على الاهتمام بالنبات بل ولديهن من الوقت الكافي للاهتمام بالنبات أكثر مما لدى الرجال على الحصول على مثل هذا القرض، فإن طلب «كفيل موظف» يكسر مجاديف أحلامهن، فيصعب أن يجدن كفيلا وهن مطلقات أو أرامل أو زوجات لسجناء، حتى أن بعضهن تضطر للبحث في مواقع الإنترنت وفي «السوق السوداء للكفلاء» عمن يكفلهن ويأخذ حصته من هذا القرض فور نزوله بمبالغ قد يصل إلى ثلث مبلغ القرض، فتجدهن في النهاية وكأنهن أخذن قرضا بفائدة %33.

السؤال هنا: أليس من الممكن من بنك رائد في ابتكار المنتجات التنموية كبنك التنمية، أن يبتكر طرقا مستحدثة لضمان الوفاء مخصصة لمثل هذه الحالات، فالتنمية المتوافقة مع توجهات وتطلعات رؤية حكومتنا الرشيدة بزيادة تمكين المرأة من ناحية، وزيادة الغطاء الأخضر من ناحية أخرى تستحق ابتكارات كهذه، وما زلنا ننتظر «خطوة تنموية يالتنمية الاجتماعية».