لكل عصر أسلوبه سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة، ونرى اليوم في السياسة والدبلوماسية الحديثة عددا من التغيرات الكبيرة، ونقف حائرين أمام تعدد آراء القنوات الإخبارية والصحف واتجاهاتها، وأيضا قرارات الأمم المتحدة التي هي الحامي الأكبر للمنظومة العالمية.

أيضا لدينا التاريخ الذي نحاول من خلاله محاولة فهم دروس الماضي وأحداث الحاضر، والتنبؤ للمستقبل من خلالها ومن اهم المقولات «التاريخ يعيد نفسه»، ولكن هل فهمنا للأحداث اليوم عن طريق نشرات الأخبار والصحف يعطينا الصورة كاملة لنكون قادرين على قول «التاريخ يعيد نفسه» دائما.

في الحقيقة نحن أبعد ما يكون عن فهم الأحداث السياسية والواقع 100%، وفهمنا يقتصر غالبا على 40%، لأن الدبلوماسية الحديثة متشابكة بمجموعة من الدول صاحبة القرار، ومصالح دول الجوار، بالإضافة إلى البنوك وأصحاب الشركات الرأسمالية التي لديها نفوذ كبير.

وأعني هنا بـ«أصحاب الشركات» ليس فقط النفط والطاقة المتجددة، بل أعني أيضا الشركات المعلوماتية التي هي جزء لا يتجزأ من منظومة أساسيات الحياة التي نعيشها اليوم، لأن هذه الشركات أصبحت قادرة على التحكم ونهوض وإسقاط دول،

وأصبحت قادرة أيضا على التحكم في أسعار السوق المرتبطة بها أو غيرها، لذلك هنا نرى أن العصر الذي نعيشه بكل مكوناته يحتاج إلى فهم أعمق لنكون قادرين على فهم الأحداث والعصر الذي نعيشه.

وبالطبع المال «الاقتصاد» والسياسة لا يفترقان، تعتبر السياسة هي الهيكل الذي يحدد الشكل والنوع الذي يجب أن يكون به مؤسسات الدولة والمجتمع، ويعتبر الاقتصاد هو الممول لهذه المنظومة الذي يخدم مصالح أصحاب الاقتصاد والمال في هذه المنظومة.

وعندما اجتمع العالم تحت سقف الأمم المتحدة والنظام العولمي الجديد، أصبح العالم أكثر ارتباطا ووحدة وكان دائما لأصحاب المال القدرة على إدارة القالب العالمي وتحركاته وصعوده وهبوطه، يمكن تشبيه العالم برقعة الشطرنج الكبيرة،

في السياسة الداخلية أو الخارجية تلعب المصالح الدور الأكبر في العلاقات بين الدول عدو الأمس هو صديق اليوم والعكس صحيح، لأننا نعيش دائما في عالم متغير ولا يمكن لأصحاب القرار أن يكونوا ثابتين، بل هم متجهون دائما حول المصالح التي تؤمن لهم مكاسبهم.

ولأن القوى أصبحت متعددة اليوم، وأصحاب النفوذ والقرار ليس هم الحكومات وزعماء الدول فقط، بل هي منظومة أوسع وأكبر بكثير تتعدد أطرافها وقواها ونفوذها، ويجب على الإنسان أن ينتهج هذا النهج في الفكر وإدراك الواقع والمصالح التي تهمه، وألا ينجرف وراء الأقاويل والصحف والعواطف.

المرونة لا تقتصر على الدول فقط بل أيضا يمكن تطبيقها في حياة الإنسان العادي، نحن في عالم متغير ومتجدد باستمرار ولا يمكن الثبات على شيء باستثناء المبادئ والقيم التي يعيش بهما المجتمع والإنسان والتفرقة بين الحق والباطل، لذلك المرونة في اتخاذ القرار والبحث عن البدائل المتاحة بدل التحسر هي أهم عوامل التقدم سواء للأمة أو الإنسان، ومن أهم القواعد في الحياة «القاسي مثل الغصن من السهل كسره، ولكن المرن لا يكسر أبدا».