يعتقد البعض أنه مع تشكيل حكومة نجيب ميقاتي ستهرول الدول لتقديم مساعدات مالية للحكومة ما سيصب في مصلحة حزب السلاح أولاً وهو المسيطر على كل المؤسسات في لبنان، من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة مجلس الوزراء وصولاً إلى مجلس النواب. لكن الحقيقة الوحيدة هي أن دول العالم تعلم جيداً أن الفساد في لبنان هو من أوصله إلى هنا، وأن لا مساعدات مالية ستقدم من دون محاسبة، رقابة وإصلاح، وكل ذلك غير ممكن بسبب النية الدائمة لدى هذه المنظومة السياسية لسرقة خيرات البلد وتجويع شعبه واستعباده، في محاولة مستمرة للسيطرة عليه والاستفادة من سوء ظروفه لترويضه تمهيداً للانتخابات التي يظهر مال المنظومة السياسية قبل موعدها في محاولة لشراء أصوات الناخبين الذين سيكون لهم في الانتخابات القادمة رأي مختلف فهم اليوم أكثر إدراكاً لحقيقة هؤلاء الذين تناوبوا على السلطة منذ عام 2005 ولم يقدموا للبنانيين أي شيء بل سلبوا الشعب حقوقه، مستقبله وخيرات وطنه، وشردوا البعض خارج لبنان ليهاجر بحثاً عن فرصة عمل، عدا عن الذين سقطوا ضحايا تفجير مرفأ هز ودمر نصف العاصمة.

إن من يراهن على الدعم العربي وتحديداً السعودي في لبنان مخطئ في حساباته، فالسعودية لن تعيد تعويم منظومة فاسدة يسيطر عليها حزب مسلح ويسيّرها بحسب أهوائه، وهي لن تستثمر في دولة لا مستقبل لها في ظل وجود من سرقها في سدة الحكم. لم ينس الشعب اللبناني خير المملكة العربية السعودية الذي أنهى الحرب الأهلية وأعاد إعمار الدولة بعد الحرب وهو يعرف جيداً أنها لم ولن تتخلى عنه ولكن بالتأكيد هذا الدعم والسند لن يأتي في ظل وجود هذه المنظومة الفاسدة التي أغرقت لبنان بالديون، جوعت شعبه، فجرته، قتلته وحرمته من أبسط حقوقه، كي تبقى هذه المنظومة تقدم القرابين لإيران وميليشياتها طمعاً بالمال والسلطة دون أي شعور بالمسؤولية تجاه الشعب اللبناني الذي عانى ما عاناه وذاق الموت والحرمان ولم يجد من الساسة في وطنه أي خير.

إن ثورة الشعب في 17 تشرين ـ أكتوبر كانت شرارة ورسالة واضحة بأن كل من تورط بالفساد، السرقة وسوء الإدارة سيحاسب، وأن شعار «كلن يعني كلن» لن يكون شعاراً محلياً بل ستعتمده الدول في تعاطيها مع لبنان ولن تسمح بتعويم السارقين، الفاسدين والمسلحين على حساب الشعب ومعاناته.

يعرف العالم أجمع أنه من رحم المعاناة سيولد جيل قادر على الحكم واستعادة حقوقه ومحاسبة من أوصل لبنان إلى جهنم، وحتى ذلك الحين لا يجب على المنظومة الفاسدة أن تنتظر ملايين ومليارات السعودية والخليج، فهذه الأموال لن تأتي إلا لمن يستحقها ولن تراها منظومة سارقة وفاسدة يمارس فريق منها الإرهاب في اليمن، سورية والعراق.