لا شك أن التنظيم باللوائح والقوانين جزء مهم وضروري في منظومة العمل، ولكن بما أن هذه اللغة أصبحت لغة العصر العملي الذي لا يفرق بين الإنسان والروبوت خاصة مع استعداد العالم لدخول الربع الثاني من القرن الواحد والعشرين وإيجاد ذكاءات متعددة وروبوتات متفاعلة فلا بأس في ممارسة الإنسان للتخيل الذي سيبقى للأبد سمة من سمات البشرية.
فلو تخيلنا أن بيئة العمل ما هي إلا فرقة موسيقية وأعضاؤها العازفون هم الموظفون، وقائدها هو المايسترو المسؤول برؤيته عن تطبيقها مع أعضاء الفرقة بجميع عازفيها سواء عازف البوق أو ضارب الطبل أو أيًّا كانت الآلة التي يحسن عزفها، فإن توظيفها هو الأهم لأجل تقديم معزوفة ينسجم معها المستمع.
الإدارة هنا ما هي إلا الذوق الذي يفرضه المايسترو فتقع من ضمن مسؤوليته الفنية تقليل (النشاز) إن أمكن.
قد يكون هذا النشاز ناتجًا عن ضعف العازف فيحتاج معها للتدريب أو قد يكون ناتجًا عن مزاجيته، فيحتاج معها للتأنيب أو قد يكون ناتجًا عن تعمد فيحتاج معها للتأديب، أما باقي أعضاء الفريق أولئك الذين يحسنون العزف على آلاتهم فيحفزون بعمل صولوهات فردية تطرب المستمعين.
هذا لا يعني أن المايسترو قد لا يخطئ، أو يقع في فخ اسمه الأداء الرتيب فيفرض على فرقته أداء ضمن رتم موحد لا روح فيه ولا تجديد، إما بسبب رؤية مضى عليها آلاف السنين، أو تقديسًا لآلات دون تنويع، وهذا الفخ يقع فيه عدد من الموسيقيين، فعلى سبيل المثال كانت الموسيقى الشرقية تعزف بآلات محددة بما يعرف بالتخت الشرقي إلى أن أتى بليغ حمدي وأضاف الجيتار الكهربائي والأوكورديون والساكسفون للموسيقى وتجاوز قاعدة التأصيل التي وسعت دائرة الجمهور النخبوي له إلى استقطاب مزيد من الجماهير برضا وانسجام الجميع.
قد يقع المايسترو أيضًا في نمطية بسبب أداء فرقته لمقام موسيقي واحد دون غيره تسمح بالتفاف محبي هذا النمط له ليكتشف بعدها أنه ضحية إتقانهم للون واحد وأنه شكل معهم رابطة تتجاهل المختلفين.