هذه الأيام نحتفل باليوم الوطني الـ91 للمملكة العربية السعودية، الوطن الشامخ الفتي، الذي يزهو بعظمته ومكانته وإنجازاته، والذي نزهو به نحن كشعب ونفتخر، لذلك كان شعار يومنا الوطني لهذا العام #هي_لنا_دار.

نعم، السعودية الحبيبة وطن العز.. هي لنا دار وملاذ ونحن لها أهل، نتبادل معها سقيا الحب والبذل والعطاء من أجل نماء يليق بالدار وأهلها، من أجل هذا فالفرح والاحتفالات وما يصاحبها من فعاليات، يجب أن تكون لنا حافزا للتأمل بنعمة السعودية التي أكرمنا الله بالانتماء إليها، ودافعا يجعلنا نسأل أنفسنا؟.

ماذا يعني الاحتفال باليوم الوطني؟.. وهل الغرض منه الترفيه عن النفس وكسر قوالب جليد روتينية نمط الحياة اليومية فقط؟.. أم أن لهذا اليوم رسائل ومعانى أعمق، لا بد أن نفهم ونقرأ ما كتب بين تفاصيل فعاليات احتفالات يومنا السعيد؟.. وما هي القيم الوطنية التي لا بد أن نبذر بذورها في نفوس أطفالنا ومراهقينا في هذا اليوم من كل عام ونتعهد بسقياها، بما يفيد الوطن لتكون بذورا بشرية صالحة، تنمو في بيئة خصبة من قوة وولاء وانتماء على هذه الأرض، لتطرح مواطنين صالحين، قادرين على المحافظة على ما تعبت وتحدت وسهرت قيادتنا وشعبها، على صنعه وإنجازه بعد توفيق الله عز وجل.

التأمل بهذه الأسئلة يجعلنا ندرك أن كل يوم من أيام العمر، الذي قدر لنا الله أن نعيشه هو يوم وطني خاص بكل فرد منا، يجب أن يكون عامرا بالعطاء والعمل والإنجاز، من أجل حاضر زاهر ومستقبل واعد، وما يومنا الوطني العام الذي نحتفل به جميعا، بصوت مسموع وفعاليات صاخبة الفرح، إلا يوم تذكير تسلط الأضواء فيه على منجزاتنا ونجاحاتنا، مع عهد ووعد بقادم أجمل، مع مزيد من العطاء الممتزج بالحب والولاء، والرغبة في الوصول إلى أعالي القمم، هو يوم تبعث فيه رسائل للعالم، وخاصة من يشكك أو يحقد أو يحاول الاصطياد بالماء العكر، أن السعودية بقيادتها وشعبها جزء واحد لا يتجزأ، وأن الوطن أغلى من الروح، والقيادة حفظها الله هي بعد الحافظ صمام أماننا في وطننا، وأننا معها على درب واحد نسير إلى ما لا نهاية من أجل رفعة هذا الوطن، والرقي به والحفاظ على أمنه وأمانه.

من ضمن الرسائل التي يجب ألا نغفل عن قراءتها في يومنا الوطني، أن السعودية بعد رؤية 2030 ليست كما قبلها، لأن هذه الرؤية رتبت الأولويات، وحددت الأطر وعلقت الأهداف على لوحات إرشادية واضحة، زينت مضامير سباقنا مع الزمن من أجل الوصول بأسرع وقت إلى أهدافنا، التي جعلتنا قدوة ملهمة لكل محب أو حيادي، أراد أن ينسخ منا مفاتيح النجاح، وجعلتنا أيضا هدفا لكل حاسد تكسرت أسهم نواياه الحاقدة، على جدران قوة حصننا الله سبحانه بها. من أجل ذلك يجب أن يكون يومنا الوطني فرصة، نجدد ونطور من خلاله أساليب وطرق غرس الانتماء لهذا الوطن الغالي في نفوس الأطفال، وذلك بتحصينهم بعد حفظ الله بالعلم والفكر، وتطوير القدرات وتنمية المدارك، وصنع بيئات حاضنة تستوعب وتستثمر طاقات الجيل الجديد، بما يخدم المجتمع والوطن قبل أن يستغل حداثة سنها واندفاعها، عدو حاسد يعرف كيف يصطاد في عكر مياه الانفتاح الرقمي، فيسرق العقول الصغيرة، ولعل خير ما أهدانا إياه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في يومنا الوطني الـ91 برنامج تنمية القدرات البشرية الذي سيكون له بأمر الله مردود إيجابي يصب في مصلحة الوطن والمجتمع.

يجب علينا أيضا ألا ننسى ونحن في نشوة الاحتفالات أن نُعلّم أبناءنا بطريقة جاذبة، بعيدة عن الروتينية والنصح المنفر، أن بلادنا أصبحت أيقونة في مجالات التنمية والاقتصاد والسياسة والحياة الاجتماعية، لذلك أصبحت مستهدفة، وأن هناك حملات ممنهجة تستهدف أمننا وشق صفنا، قد تدخل إلينا عن طريق التأسف والتحسر على التفريط بحدود الشرع، أو بالضد أي الإفراط في الانسلاخ من هويتنا وأخلاقنا، فعلينا أن نعلم أولادنا أن كتاب الله وسنة رسوله هما منهج الدولة السعودية، الذي لا تخرج عن إطاره أبدا، وأن الوسطية هي خط التوازن الذي أمرنا به الله سبحانه، ومن ثم اتخذته الدولة أساسا لها، لذلك فالثقة بالله ثم الأسس التي تقوم عليها المرحلة الحالية، واجب يجعلنا في توازن يحفظنا من التطرف بكل أنواعه، لذلك علينا أن نثق بأن وحدتنا وتلاحمنا مع ولاة أمرنا، أقوى الطرق لغيظ أعدائنا وصدهم، وأن إخلاصنا وعطاءنا وتنمية مداركنا، ووعينا واستيعابنا العميق لرؤيتنا وأهدافنا وأطماع خصومنا، هو بعد الله طريقنا الأسرع والأسلم، للمحافظة على مكتسباتنا وإنجازاتنا التي حققناها، وهو أيضا المحفز لتطوير قدراتنا وزيادة منجزاتنا.

أخيرا وليس آخراً:

كل عام والسعودية الحبيبة لنا دار، والقيادة الغالية لنا بعد الله أمن وأمان، ونحن كشعب سُكان هذه الدار وأهلها الذين لن يتكاسلوا يوما في الحفاظ عليها والذود عنها.