على الرغم من مرور أكثر من عام على سقوط جدار جراء الرياح الشديدة على عدة سيارات متوقفة في المدينة المنورة وإلحاقه أضرارًا فادحة بها، وهو السقوط الذي وثقه مقطع فيديو تم تداوله على نطاق عريض، إلا أن الجدل حول المسؤولية المترتبة على المالك ما يزال دائرًا، مع طرح كثير من المتابعين فرضيات حول المسؤولية فيما لو كان سقوط الجدار قد حدث خلال بناء المنزل أو ترميمه، وما إن كانت مسؤولية التعويض هنا عن الأضرار تطال المالك أم المقاول الذي يعمل على البناء أو الترميم، وما هي الأضرار الموجبة للتعويض، وسط مطالبات كثيرة بأن تعتمد وثيقة تتضمن اشتراطات واتفاقات التعويض عن الأضرار التي قد تنجم عرضيًا عن أعمال المقاولة وتقع على الجار كطرف ثالث في الوثيقة.

المتسبب

يشدد المحامي فيصل فهد العثيم على أنه «في حال وقوع ضرر على الجار مثلا بسبب أعمال البناء في منزل المالك الآخر، فإن المسؤولية عن التعويض تقع على المتسبب بالضرر، وبالتالي يتحملها المالك وغيره ممن تسببوا بوقوع الضرر، وعليهم يقع جبر الضرر، وذلك لأن الجار لم يكن ليتأذّى ويتضرر بيته أو سيارته دون أن يُصلح المالك أو (الجار الآخر) منزله، ولو أن المقاول قام باتخاذ كافة إجراءات السلامة والحيطة لم يكن الجدار أو غيره ليسقط على سيارة الجار أو على أملاكه».

وأكد العثيم ضرورة أن تشتمل عقود المقاولة بين المالك والمقاول على الشروط والاتفاقات في مثل هذه الحالات، مع تفعيل دور التأمين من أجل وضع الاشتراطات اللازمة الاحترازية وتقليل المخاطر، والالتزام بدفع التعويضات.

تعويضات تقديرية

قال العثيم إن «التعويضات تقديرية بحسب الضرر الواقع، وجبر الضرر ينبغي أن يكون دون تكسُّب كأن تكون كلفة الضرر بـ10 آلاف ويطالب الجار بـ100 ألف مثلا. فالقضاء عندما يتأكد من وقوع الضرر وعلاقة السببية وتحديد المتسبب بعد ذلك يحيلها القاضي إلى أهل الاختصاص من مكاتب الاستشارات الهندسية مثلا وتقدير تكاليف إصلاح الأضرار دون تكسب».

العلاقة بين الأطراف

حول التعاملات بين الجيران بشكل عام أكد وليد عبدالله المغيصيب مالك مؤسسة مقاولات أن «العلاقة بين الجيران اختلفت في الآونة الأخيرة وعليه أصبح العلم بالحقوق وتوثيقها أمرًا لا بد منه خاصة فيما يتعلق بالتعويضات لأن التعاقد بين المقاول والمالك (صاحب الأرض) هو تعاقد على الجانب الإنشائي والمواد والتنفيذ والدفعات المالية، لا يتم التطرق فيه إلى مسألة تعويض الجار في حال الضرر، وما يحدث هو الاتفاق الشفوي بين المقاول والمالك في حال الضرر مثل تضرر سور الجار عند البدء في عملية الحفر أو حدوث التصدعات وغيرها وفي بعض الأحيان تكون المشكلة من بناء الجار نفسه في الأساسات والمقومات، وهنا على الأغلب يتم حل المسألة وديًا بين الجيران وفي الغالب يتحملها المالك».

وأكد المغيصيب من واقع عمله أن «الأمر لا يكون عادلًا في بعض الأحيان ويتحمل المالك أمرًا ليس له علاقة به».

وتابع في حالات قليلة يتم وقوع خطأ من العمال خاصة في عمليات الترميم وليس البناء من هذه الأخطاء فرضًا تساقطت أحجار على سيارة الجار وسببت ضررًا له، هنا يفترض على المقاول التعويض لأن عماله قاموا بالخطأ ولكن للأسف ليس الكل ملتزمًا في هذه الناحية.

وثيقة لضمان الحقوق

يرى المغيصيب ضرورة وجود وثيقة أو اتفاقية مكتوبة توضح المسؤول عن الضرر الواقع على الجار في حال حدوثه هل هو المالك أم المقاول، ويقول «ينبغي أن تكون الاتفاقية مشتركة بين الهيئة السعودية للمهندسين والهيئة السعودية للمقاولين والهيئة السعودية للمحامين، على أن تخرج هذه الهيئات الثلاث بوثيقة توضع فيها جميع النقاط التي تضمن حقوق الأطراف، وكذلك تقليل نسبة القضايا والتوجه للمحاكم».

أمثلة على الأضرار

أشار المحامي العثيم إلى بعض الأضرار التي تقع على الجار بشكل عام، وقال إن منها «أضرارًا محسوسة ظاهرة: مثل وقوع السور أو تضرر السيارات ونحوه عند عملية البناء أو الترميم، ويكون فيها التعويض بحسب الضرر.

وأضرار معنوية مثل الإزعاج الذي يحدث عند البناء في أوقات متأخرة أحيانًا أو القيام بإغلاق الشارع بالسيارات الخاصة بعملية البناء أو استخدام موقف السيارة الخاصة بالجار والمحدد بالعقد.

وهذه الأضرار لا تكون فيها تعويضات، وهي متعلقة بالأدبيات والتعاملات الإنسانية والأخلاقية، والإزعاج إن كان شديدًا ويسبب الأرق للجيران حينها تُبلَّغ الشرطة لإيقاف البناء والأعمال في الأوقات غير المناسبة. وبين أنه في حال عدم استئجار حاوية لرمي المخلفات عند الترميم فذاك يعد مخالفة يمكن التقدم بشكوى للبلدية لإزالتها أو منعها. وهناك أضرار محسوسة مخفية: كأن تتضرر أساسات بيت الجار بسبب تسرّب المياه من بيت جاره دون أن يعلم الجار الآخر بوجود مشكلة في بيته تؤثر على جاره، هنا ضرر مخفي وإثبات الضرر قد يكون شبه مستحيل وإن أُثبت الضرر فيكون تقديريًا على حسب أهل الاختصاص».

أنواع الأضرار التي تلحق بالجار

محسوسة ظاهرة، مثل سقوط جدار على سيارة

معنوية، مثل إزعاج أصوات العمل في أوقات غير مناسبة

محسوسة ومخفية، مثل تسرب ماء من بيت الجار دون علمه