العمر ليس كلمة تقال هباء وتتناثر في الهواء تحت مظلة معتد آثم، ليس له أرض ولا أصل، كل همه الهيمنة الاستعمارية على دول ليست من حقه، معتقدا أنه الأقوى والأذكى، لكن في الحقيقة هذه وجهة نظر الأحمق؛ فهو دائماً يرى نفسه أنه أذكى واحد في العالم، ولا يوجد من يضاهي ذكاءه وقوته.

ثبت ذلك في حرب (1973).. حرب كلمة السر فيها «الله أكبر»، حرب تحول فيها الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر إلى الجيش الأحمق الذي لا يفقه شيئا في العلوم العسكرية؛ ليجلس ويدون ويتعلم مما حدث معه من قبل الأسطورة الحقيقية.. أسطورة الجيش المصري؛ ليتعلم الفنون العسكرية والتمويه والخداع، وأهمها الروح الوطنية التي لم يتخل عنها المقاتل المصري؛ فهو أهون عليه الموت للدفاع عن شرفه وعرضه من التدنيس، فالوطن والأرض كالعرض التي من المستحيل التنازل عنها.. رافعاً شعار النصر أو الشهادة.

وعلى الرغم من أنها حرب غير متكافئة في العتاد والذخيرة، فالجندي المصري كان يحارب بأسلحة قديمة الطراز مقابل هولاء الذين كانوا يستخدمون أسلحة متطورة، حيث سارعت الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم يد العون إلى صديقتها إسرائيل عن طريق فتح جسر جوي لإرسال الأسلحة اللازمة كطائرات (إف-4)، ودبابات «الباتون وسكاي هوك»، والكثير من الأسلحة، مما جعل كفة الميزان غير معتدلة بين الجانب المصري والإسرائيلي، لكن هناك نظرية تقول إن العقل والمهارة قادران على فعل المعجزات.

هم كانوا يمتلكون الأسلحة المتطورة، ونحن كنا نمتلك العقول والمهارة المصرية الفذة لترجيح كفة الحرب سواء براً أو جواً، حيث قام الطيارون المصريون بإسقاط عدد من الطائرات الإسرائيلية المتطورة كطائرات (إف- 4)، و«سكاي هوك» و«ميراج -3سي»، والمفاجأة أن الطائرات التي قامت بإسقاط هذا العدد الكبير كانت (ميغ-21) صاحبة مدى قتالي 45 دقيقة كحد أقصى، ولا يوجد بها رادار فعال، وهنا تصمت الألسنة وتتحدث المهارة.

وعلى ذكر المهارة والتفكير.. دعونا لا ننسي أهم عملية قام بها المهندسون العسكريون؛ وهي إسقاط الساتر الترابي المنيع خط بارليف، بما فيه من مدافع وتحصينات قوية، كل هذا لم يبق له أثر وانهار في أقل من ساعتين وبسلاح صغير وهو مضخات المياه، وكان صاحب هذا الاقتراح اللواء مهندس باقي ذكي -رحمه الله -.

بذلك يتحول يوم 6 أكتوبر إلى عيد يحتفل به المصريون، ويحتفي به العالم العربي لما قدمته مصر من مستوى مشرف في حرب العزة والكرامة؛ ليرفع المصري رأسه بشموخ عالياً، بفضل الله، ثم رجال القوات المسلحة البواسل، الذين مازالوا إلى الآن يوهوبون أرواحهم ودماءهم العطرة في حرب لا نهاية لها للدفاع عن وطنهم.. فهم حقاً أصحاب بطولات تاريخية مشرفة عالقة في الأذهان إلى الاَن.. وغير قابلة للنسيان.