إن فهم النصوص القانونية شيء وتطبيقها شيء آخر تماما، ولكن فهم النص ضرورة لتطبيقه بشكل سليم، والأهم فهم غاية المشرع السعودي من وضع قانون ما، ويتضح ذلك من خلال مراجعة تقارير اللجان التشريعية في مجلس الشورى وهيئة الخبراء ومجلس الوزراء، وهي تقارير تعد حاليا سرية، ولا يمكن الإطلاع عليها، لكن إتاحتها أمر مهم للمختصين ومنفذي القانون.

القانون الجنائي يمس الحريات العامة، ولهذا فهو من أخطر أنواع القانون التي قد تتعامل معها الجهات والمختصون، والتكييف الجنائي فيه (أي الوصف) يعد كذلك من ضمن تلك السلطات التي تمس حياة الناس بشكل مباشر.

إن قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية هدفه المجرم المعلوماتي الذي يملك خبرة فنية. أما نظام المطبوعات والنشر ولوائحه التنفيذية، فهو ينظم حقا مشروعا، وهو حرية التعبير عن الرأي، ومتى ما وقعت مخالفة، فالعقوبات لها بالمرصاد. إن من دلائل الفهم الخاطئ لقانون مكافحة الجرائم المعلوماتية ما أشار إليه رئيس لجنة الشؤون الخارجية «سابقا» بمجلس الشورى، الدكتور صالح الخثلان، بـ1441 في ملاحظة، مفادها توسع الجهات الحكومية في استخدام نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية؛ لمنع المواطنين من حقهم في تقييم أدائها، وتوجيه النقد لها، وهو حق أساسي مكفول لهم في الشريعة والأنظمة المحلية والاتفاقيات الدولية. هذا الفهم الخاطئ يجرم الناس الذين يعبرون عن آرائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي إما بالتشهير أو الإنتاج، على الرغم من أن المصطلحين لم يتم تعريفهما، ولهذا مشاكل أخرى تمتد إلى مخالفة مبدأ عدم التوسع في التجريم، فيصبح حتى ذكر الحقيقة المحضة عبر حسابك في وسائل التواصل الاجتماعي تشهيرا أو النقد البناء كذلك، وهلم جره.

لهذا، فإن الباحثين والمختصين ممتعضون من هذا الفهم الخاطئ. وقد أشار المحامي المخضرم عبدالله بن محمد الناصري، ضمن بحث اطلعت على نسخة منه، إلى هذا الفهم الخاطئ الذي يصور الناس في حرية تعبيرهم عن آرائهم مجرمين معلوماتيين. إن الفرق بين مخالفة النشر والجريمة المعلوماتية كبير جدا، وينبغي مراجعة هذا الفهم من قِبل مراكز البحوث وصناعة القرار.