يشير تعبير «النضج» إلى مرحلة مهمة في حياة كل فردٍ منا. ويتحقق النضج عندما يكتمل النمو الفردي وتختبر التجارب بشكل جيد وحينها نقول «هذا شخص ناضج».

يستخدم مفهوم النضج أيضاً في علم النفس والطب النفسي، في هذا المجال، ويتم تحديد تلك المرحلة من تنمية الشخصية التي تتوافق مع النضج البيولوجي والنفسي.

ونسمي الشخص ناضجاً نفسياً إذا وصل إلى مستوى معين من الذكاء والنظرة العاطفية. فالنضج البيولوجي والنفسي بشكل أو بآخر يتوازيان مع بعضهما البعض.

ومع ذلك، عادة ما يستمر النضج البيولوجي قبل النضج العاطفي. ففي حياتنا التي تلي مرحلة الطفولة، ننتقل إلى النضج العاطفي والنفسي باستخدام الممكنات التي بتنا نمتلكها مع تراكم الخبرات الحياتية.

والنضج العاطفي والنفسي اليوم والذي بات مفقوداً بشكل كبير في حياة البعض أو الكثيرين، هو مطلب مهم على صعيد تحسين إدارة علاقاتنا السلوكية.

فالنضج النفسي والعاطفي مدخل مهم جداً لتحسين مخرجات العمل والحياة الشخصية،إنه الفيتامين الأكثر أهمية لأرواحنا.

ومن دون وصولنا للنضج العاطفي والنفسي فإن ذواتنا تتضرر وليس المجتمع فحسب.

ولتحسين نضجنا العاطفي والنفسي لا بد لنا من التعلم والفهم والتوعية. إننا اليوم وفي ظل تنامي الوعي الصحي الجسدي وانتشار ثقافة صحية جديدة تخاطب الجسد نحتاج في ذات الوقت إلى خزين جيد ولا بأس به من مواد التوعية التي تساند المواد التي تعنى بالصحة الجسدية، وهي مواد التوعية الخاصة بكيفية وصولنا للنضج النفسي والعاطفي، فكل هذا جزء من حقيقة أن الإنسان لا يكتسب الخير بالجهل بالشيء، ولكن بالعلم به.

وفي النضال من أجل الحفاظ على الذات، تُطور البشرية في كل فترة من التاريخ المعرفة والمهارات التي تحتاجها للبقاء على قيد الحياة. كانت إحدى المشاكل الحاسمة في عصرنا الصناعي، هي خلق ظروف معيشية صحية للناس في المدن الكبيرة.

أصبح فهم الأمراض المعدية مسألة حياة أو موت.

يلعب الطب النفسي الديناميكي دوراً مشابهاً فيما يتعلق بالصعوبات النفسية الناشئة عن التغيير الثقافي السريع.

الهدف من نشر ثقافة كيف ننضج نفسياً وعاطفياً هو زيادة فعالية الأنا الواعية، وتقليل درجة صفة الأنانية فيها، بدرجة صغيرة أو قليلة، يساعد هذا كل فرد منا على الاقتراب من المثل العليا التي تدفع باتجاه تكوين الحالة الذهنية الناضجة، التي تعتمد على فهم الذات بشكل صحيح.

هذا يتطلب مواجهة الحقائق ليس فقط في الخارج، ولكن داخل أنفسنا.

ربما كان القول اليوناني «اعرف نفسك» ترفاً، واليوم هو ضرورة. وهكذا سيمكن للإنسان أن يتكيف مع بيئته المتغيرة فقط من خلال معرفة نفسه ورغباته، ودوافعه واحتياجاته.