على كراس قديمة ألقيت عليها بعض الوسائد يتكئ حراس العمائر مع غياب شمس كل يوم في مدينة جدة، يتأملون العابرين أمامهم، وسمعهم المرهف يلتقط كل إشارة لطلب خدماتهم من سكان عماراتهم أو حتى من الضيوف القادمين لزيارة هؤلاء السكان.

تتعدد مهام حراس العمائر، فقبيل الفجر يمتهنون غسيل سيارات الساكنين مقابل مبالغ مالية متفق عليها، وبعيد شروق الشمس يتولون تنظيف العمائر وتلبية احتياجات قاطنيها، وبعد العصر يصبحون كهربائيين فيصلحون نورا في هذه الشقة، وآخر في تلك، أو يضبطون صحن التقاط القنوات الفضائية على الأسطح، وقبيل المغرب يصيرون «دلالين» يشيرون للراغبين بالسكن إلى وجود شقق فارغة هنا أو هناك، وفي الليل يصبحون حراسا يمنعون تطفل الغرباء، إلى غير ذلك من المهن التي يقومون بها في آن معا.

يلعب حراس العمائر أدوارا متعددة، فهم كاشفة وكاتمو أسرار السكان، وهم الذين يستقطبون الراغبين بالسكنى ويتولون استقبالهم، وهم سائقون لدى صاحب العمارة أو بعض قاطنيها، وهم عمال صيانة الشقق وما يلحق بها من أضرار، وهم جامعو النفايات من أمام البيوت، وهم جامعة بقايا تركة الأثاث التي يتركها مستأجرون مغادرون، فيعيدون بيعها لتجار المستعمل والسماسرة بأسعار رخيصة.

كل هذه المهن يقوم عليها الحارس براتب شهري لا يتجاوز الـ2500 ريال، مع سكنه في غرفة صغيرة غالبا ما تكون قريبة من مواقف سيارات ساكني العمارة.

خدمة الشقق

يقول الباكستاني فضل سليم: «أحرس 3 عمائر متجاورة في أحد أحياء مدينة جدة، وذلك منذ أكثر من 8 سنوات، أخدم فيها نحو 14 شقة في وقت واحد، حيث أقوم بتنظف مداخل العمائر وأروقتها وجمع النفايات من أمام الشقق، وإصلاح الأعطال إن لزم الأمر، وأتقاضى من كل شقة تقريبا 100 ريال خلاف مرتبي».

بدوره، يقول أبو نوح «أعمل حارسا للعمائر منذ قرابة 5 سنوات، وأعاني كثيراً من سلوكيات بعض المستأجرين من تكسير، وإلقاء بعض النفايات في مداخل العمارة، وكذلك من بعض الإزعاج من أطفال بعض السكان، وكل ذلك براتب يكاد يصل إلى 2500 ريال».

ويضيبف «هي مهنة مريحة إلى حد ما، فأنا لا أغادر موقع العمل إلا نادراً، وأقضي معظم وقتي في غرفتي أراقب الكاميرات، ومن خلال مراقبتي أصبحت أعرف أوقات دوام السكان ووقت عودتهم، وأعرف أصدقاء السكان الذين يأتونهم ضيوفا».

إراحة من الجهد

يرى عبدالمجيد المالكي، وهو أحد أصحاب الشقق أن «حارس العمارة يقوم بأعمال مهمة لأصحاب الشقق، غير مراقبة العمارة من المخربين، حيث يقوم بإصلاحات لبعض الأعطال مثل السباكة أو الكهرباء وبسعر منافس للسوق، كما أنه يكفيني من عناء البحث عن عامل».

ويقول عمر العمري «يقوم حارس العمارة بعدة أعمال، منها مراقبة العمارة وإصلاح الأعطال، كذلك يعمل كعامل توصيل طلبات من البقالة أو المطعم المجاور عند الحاجة مقابل إعطائه مقابلا للتوصيل لا يتجاوز الـ10 ريالات كأجر مقابل خدمته».

مدير بصلاحيات كاملة

يكاد بعض حراس العمائر يحظون بصلاحيات تشبه صلاحيات مدير البناء إلى حد كبير، حيث يعدون مسؤولين عن كل صغيرة وكبيرة في العمارة، لكن اعتياد كثيرين منهم على تقاضي مقابل كل خدمة يؤدونها للسكان، حتى لو كان المقابل بسيطا قاد إلى وصف بعضه بالجشع والاستغلال والفضول والسمسرة، وحتى إفشاء الأسرار.

في المقابل يشتكي الحراس من تعامل كثيرين معهم بنظرة دونية تمتهن آدميتهم، كما أن كثيرين لا يراعون وقت الحارس، بل قد يطلب أحدهم منهم خدمات على مدار الـ24 ساعة دون أن يراعي حاجة الحارس أحيانا لبعض الراحة.

آلية تعاقد

بحسب إحصائيات الهيئة العامة للإحصاء للربع الثاني من العام 2021 بلغ إجمالي عدد حراس المنازل والعمائر والاستراحات 26.473 حارسا، بينهم 14 أنثى يعملن كحارسات.

ويتم استقدام هؤلاء أولا بإصدار التأشيرة إلكترونيّا عن طريق منصة مساند، ثم إتمام العملية عبر المنصة عن طريق التسجيل وإتمام الاستقدام إلكترونيًّا وبسهولة من المنزل أو من خلال زيارة أحد المكاتب المعتمدة، وبعدها يتم اختيار طريقة التعاقد، إما بتحديد مواصفات معينة للعامل وانتظار الأسماء والعروض من مكاتب الاستقدام، أو وجود اسم عامل محدد مسبقًا واستقبال العروض من المكاتب، وبعدها يتم الموافقة والتقاعد واختيار أحد العروض المقدمة من المكاتب التي قبلت الطلب، وأخيرا الدفع عبر اختيار الطريقة المناسبة.

أعمال يقوم بها الحراس

حراسة العمائر من التعديات

تنظيف العمائر

غسيل سيارات وأحيانا سجاد الساكنين

استقبال المستأجرين الجدد

الدلالة على الشقق الفارغة

أعمال الكهرباء والسباكة البسيطة

إيصال أولاد الساكنين للمدارس القريبة

توصيل طلبات السكان من البقالة والمطاعم القريبة