لم تعد إدارة الحشود مجالاً عملياً وتنظيمياً فقط، بل أصبحت علماً يعتمد على الدراسة والبحث الأكاديمي، لمواكبة التطور الكبير الذي تعيشه الفعاليات بمجالاتها كافة وتفرعاتها على الصعيد العالمي، وذلك من خلال تطوير آلية آنية لمتابعة وإدارة الحشود، والقدرة على الإنذار المبكر، وتطوير أدوات تقنية للمساعدة فى التنظيم، واستخدام التقنيات الحديثة فى جمع البيانات مثل؛ الكاميرات الذكية وأجهزة التعرف اللاسلكية وتطبيقات الهواتف الذكية، وذلك لإنشاء بيئة تشغيلية رقمية تصف تحركات الحشود، وتسهم في التنبؤ المستقبلي بأماكن الازدحام المتوقعة، لا سيما في ظل جائحة كورونا، بما يساعد متخذي القرار على تقييم الحلول في وقت قياسي لتفادي حدوث أي مشكلة.

وتمثل إدارة الحشود إحدى الدعائم القوية لرؤية المملكة 2030، والتى تستهدف استضافة 100 مليون زيارة بحلول عام 2030، لتصبح المملكة من بين أكثر خمس دول تستقبل السياح على مستوى العالم؛ دعماً للارتقاء بقطاعات السياحة والثقافة والترفيه، التي تعد إحدى الركائز الأساسية لتنويع مصادر الدخل، وكذلك استقبال أكثر من 30 مليون حاج ومعتمر بحلول عام 2030م، حيث تتمتع المملكة بخبرة وتجربة رائدة في إدارة الحشود الضخمة التي طالما تميزت بها على أكثر، لا سيما الحج والعمرة. وتهدف إدارة الحشود إلى توفير بيئة صحية تلتزم بأعلى معايير الوقاية والسلامة، ورفع كفاءة وجودة إدارة الفعاليات، وتوفير الفرص الوظيفية، وتعزيز قطاع الفعاليات في الجانب الاقتصادي والاستثماري، إضافة إلى ضمان تنفيذها وسط أجواء آمنة ومريحة، عبر تسهيل إجراءات الدخول والخروج للزوّار، وعمليات الإخلاء والطوارئ ومعالجة الأزمات، وكذلك وضع الخطط الأمنية وتنسيقها داخل الفعاليات بالتعاون مع الجهات الأمنية.

وتوجد في السوق المحلي عدد كبير من الشركات المتخصصة في تنظيم وإدارة الحشود في الفعاليات والأنشطة المختلفة، والتي تحرص على التخطيط السليم، واستخدام معايير الوقاية والسلامة، وإدارة الحشود، وتنظيم حركة الزوار وتوجيههم ومساعدتهم. ولعل أبرز خطوات خطة إدارة الحشود في موقع الفعاليات؛ فهم سلوكيات الأفراد في الحركة ضمن مجموعات لا تربط بينهم أي علاقة، وتحركهم العواطف، ومعرفة جمهور الفعالية وطبيعة تفاعهم مع الأحداث، إلى جانب التخطيط المسبق لإدارة الحشود في الفعالية كجزء من عملية تخطيط الفعالية نفسها، واختيار مكانها، وتحديد تحركات الأشخاص داخل الفعالية، وكيف يتم تفويجهم بطريقة سليمة، وكذلك تنظيم دخول الزوار للفعالية وتنظيمهم داخلها، وتفويج الزوار من موقع الفعالية بطريقة مرنة دون حدوث أي نوع من أنواع الضرر، وتنظيم الخروج الآمن.

وبالطبع يجب إبلاغ الجهات ذات العلاقة عند تحديد مكان إقامة الفعالية وتاريخ انطلاقها، وتقييم للمخاطر للصحة والسلامة لمنع أو تقليل الأخطار المحتملة أثناء إقامة الفعالية، ومراجعة خطة الطوارئ ووضع الحلول الممكنة حتى لا تفقد السيطرة على إدارة الفعالية، إضافة إلى توفير اللوحات الإرشادية والحواجز والدعامات، ومن الضروري تبسيط إجراءات التسجيل وجعلها إلكترونية للتسهيل على الزوار ومنع الفوضى، وتوفير العدد الكافي من الموظفين.