بلادي، كعادتها منذ تأسست، جميلة بكل شيء، ولكن خلال السنوات القليلة الماضية هذا الجمال زاد بهاءً، وأصبح وهجه يُرى من خارج حدود هذا الوطن الغالي، لدرجة أنه أصبح مغريا للكثير من خارج الوطن، للقدوم إلينا بغية الإطلاع عن قرب على تلك الأحلام التي كانت في مخيلة ولي عهدنا الفذ أماني، فأصبحت، بعد مشيئة الله، ثم بعزم القيادة، وإيمان المسؤولين والشعب، واقعا نعيشه، يصنع لنا كل فخر بفرح.

مشاريع في كل مكان على أرضنا الغالية، وفعاليات ما أن ننتهي من بعضها حتى تبدأ فعاليات فرح أخرى، ونتائج ملموسة لرؤية وطن، تجعل القيادة والمسؤول والشعب في عمل دؤوب، يتنافس فيه الكل لتقديم السعودية الأجمل بجذورها وهويتها الراسخة، ولكن بشكل جديد معصرن، يتناسب مع تطلعاتها للمرحلة القادمة.

اليوم.. الأربعاء تنطلق فعاليات موسم الرياض في موسمه الثاني، بعد أن عشنا دهشة موسمه الأول، الذي تعلمنا من خلاله لغة الفرح الخضراء، وآمنا بأنه يستطيع صناعة سعادة بروح عصرية وقلب نابض بالأصالة، به أغنانا الله عن شد الرحال خارج حدود الوطن، لنبحث عن أوقات متعة، نتخلص فيها من ضغوط الحياة، فالمتعة والفرح والفائدة أصبحت هنا في قلب السعودية، في رياض الفرح والبهجة والسعادة.

ولكن، ومع كل فعاليات الترفيه المقامة، يخطئ من يظن أن موسم الرياض مجرد حفلات ومهرجانات لمتعة فرح سطحية، لا عمق لها، ولا يعود بالفائدة على الوطن والمواطن، فالموسم أهدافه تعدت ذلك بمراحل، حيث إن موسم الرياض يمنح شبابنا الفرصة لتقديم أنفسهم من خلال صناعة أفكار، وتقديم منتجات في مجالات متعددة ببصمات سعودية، وجدت الدعم والتشجيع، فأحسنت تقديم نفسها، وإثبات وجودها في المجتمع، عندما وجدت موسما آمن بقدراتها ومواهبها، فكان حاضنا لها، مما أتاح لها فرص عمل، وساعدها على تبادل الخبرات، وعيش أجواء عالمية على أرضنا المحلية.

موسم الرياض يمنحنا دورة تدريبية بروح من مرح وبهجة، يعلمنا فيها فن التعايش مع الآخر، وتقبل الانفتاح على الثقافات الأخرى، لنؤثر ونتأثر من غير التفريط بالثقافة المحلية وجذور الهوية الراسخة. كما أننا من خلاله نستطيع اقتناص الفرص التي تصدر ثقافاتنا الجميلة والأصيلة للعالم كله بأبهى ما يكون، ليكون هذا الموسم وغيره من المواسم المشابهة سفراء للوطن على شكل ثقافة، تنتقل خارج الحدود من خلال من حضر هذه المواسم، والذين قد يوازي تأثيرهم تأثير وسائل الإعلام المتخصصة في نقل الصورة عن الثقافة والمكان، بل ربما يكون تأثيرهم أكبر.

موسم الرياض سيختصر علينا المسافات، ويجمعنا بالكفاءات من كل المجالات، ويتيح لنا التعامل المباشر مع المختلف والمشابه، مما سيفتح أبواب أوسع لمدارك تستوعب كل ما قد يرتقي بنا، وينمي من إبداعاتنا وقدرتنا على مواكبة تحديثات العصر في مجال الترفيه والسياحة والاقتصاد والحياة الاجتماعية، التي ستسرع بعملية النماء التي نعيشها.

موسم الرياض فرصة لنثبت لقيادتنا أننا أهل للمسؤولية، وأننا نحترم الحريات ونصونها، وأننا قادرون أن نعيش السعادة دون إفراط أو تفريط، ودون ضرر أو ضرار، بفرح واحد مع احترام حدود الفرح التي يختارها كل منا لنفسه، فكل حر ما لم يفرض رأيه وما يعتقده على الآخرين أو يضرهم، لذلك فكلنا يتكاتف، لتخرج فعاليتنا وموسمنا في أجمل صورة، ويكون، كما كثير من إنجازاتنا، أيقونة ومثلا يُحتذى به.

كما أنه يجب ألا ننسى أن معالي المستشار تركي آل الشيخ، الشخصية الفاعلة في منظومة الترفيه، يواجه تحديات ليست بالسهلة، ليظهر الموسم بما يليق بنا، ويحقق آمالنا المرجوة وتطلعاتنا، فليس من السهل في وطن جله من الشباب أن نقدم لهم برامج تجذبهم وتلفت أنظارهم، وفي المقابل هو حريص على الاهتمام بالفئات الأخرى من الشعب بابتكار فعاليات تناسب كل الفئات والأعمار، حتى يحقق التوازن الذي يجعل الفرح في متناول الجميع، لذا فتح مجال تلقي الأفكار، وتبنى المبتكر منها، ووجه الدعوة لمواهب شابة، ومنحهم منصات يقدمون أنفسهم من خلالها، ولا ننسى تصريحه الشهير بأن الموسم لن ينجح إلا بنا، وأننا معا من سيصنع المعجزات.

ما أتمناه، ويتمناه كل غيور ومحب لهذا البلد، هو أن نكون سورا منيعا في وجه كل من يحاول تشويه هذا الموسم: إما بممارسات خارجة عن الذوق، أو كذب أو افتراء في الإعلام الجديد عن الفعاليات وتفاعل الناس معها وفيها، وأتمنى أن نقدر فعلا حجم الجهود المبذولة بكل ما يصاحبها من تعب خلف كواليس فعالياتنا الرائعة، لتظهر لنا بكل هذا الجمال، فليتنا نغض الطرف عن بعض ما قد يفلت من إطار التنظيم الدقيق، والحرص على الكمال، ونبتعد في النقد عن التجريح والقذف والسلبية، ونطرح وجهات النظر بلطف وإيجابية وحب وحرص على منجز نفاخر به، حيث أصبح الموسم علامة فارقة لبلادنا، ويقصده الناس من كل مكان، فلا بد أن نعي أن فعاليات الترفيه في كل بقاع الأرض يصاحبها ازدحام، وارتفاع بعض الأسعار، وبعض الأخطاء الفردية من البعض، وما دمنا نتحمل ذلك ونحن في الخارج ونتقبله، فمن باب أولى أن نتحمل ذلك هنا دون إعطاء الأمور أكبر من حجمها الطبيعي.

شيء آخر أتمناه، وهو تقديم بعض المبادرات من الشركات ورجال الأعمال مثل تقديم تذاكر ورعاية فعاليات بالمجان، ليتسنى للطلاب والطالبات والشباب الاستمتاع بالفرح، تفعيلا لمملكة الإنسانية التي كل شبر فيها ينتصر للإنسان، ويهتم بالصغير والكبير قبل كل شيء. ولنتذكر كلمات الملهم والأب الروحي لكل فرح نعيشه، سمو ولي العهد: أنا واحد منكم، ولن أفعل إلا ما يسركم، لذا دعونا نجعله يرى سرورنا وفرحنا الممتد بموسم الرياض، وغيره من الفعاليات.