98% نسبة الأجانب
أشارت المهندسة فاطمة جابر الحاجي «عاطلة 5 أعوام»، إلى أنها لا تزال تبحث عن فرص عمل في مجال اختصاصها في الهندسة الطبية الحيوية، بالرغم من أن مسيرتها المهنية مدعمة بالشهادات والتدريبات للتطوير واكتساب المعرفة، مبينة أن «ثقافة المجتمع لم تكن تدعم وجود المرأة في العمل الهندسي، إذ كانت إعلانات الوظائف للهندسة الطبية تشترط الجنس في طبيعة الوظيفة، فيتم تخصيص «المهندسة» في خدمات البيع، والمهندس في خدمات الصيانة، ووصل الأمر إلى حد التفاخر بدخول المهندسة في الصيانة ووصفه على أنه إنجاز، فيما هو حق من حقوقها، وشهادتها تؤهلها لذلك».
وسردت الحاجي، قصة مقابلتها الشخصية لوظيفة في صرح صحي كبير، حيث رفض رئيس القسم في الهندسة الطبية توظيف الإناث، وتفضيل الذكور، ليس لمبدأ الكفاءة، وإنما لأن الأنثى حسب رأيه احتمالية تغيبها عن العمل لظروف الحمل والولادة أكبر، وبالتالي تعطل العمل، فضلًا عن الصورة النمطية للمرأة باعتبارها كثيرة الكلام، وأنها تنقل مشاكل العمل إلى الأقسام الأخرى، لافتة إلى أن الإحصائيات الأخيرة تشير إلى أن نسبة الأجانب في قطاع الهندسة الطبية الحيوية يصل إلى 98%، مشددة على ضرورة توطين التخصص، وتوطين مديري الأقسام، علاوة عن إيجاد مصانع للهندسة الطبية، إذ أن كل الشركات الأجنبية الموجودة في المملكة فقط شركات توريد وتقدم خدمات ما بعد البيع.
3 إشكاليات
أوضح المهندس إبراهيم المقهوي، أن خريجي الهندسة الطبية الحيوية، يعانون من 3 إشكاليات، وهي:
1. تخصص الهندسة الطبية معلق بين جهتين، هما: هيئة التخصصات الصحية، والهيئة السعودية للمهندسين، وكل طرف منهما يتطلب تصنيفًا معينًا.. الهندسة الطبية تتبع الهيئة السعودية للمهندسين كتصنيف واعتماد، أما هيئة التخصصات الصحية فليس لها علاقة في المجال الهندسي، لأن التخصص هندسي وليس صحي كما تصنفه هيئة التخصصات الصحية.
2. متطلب لكل خريج خبرة لا تقل عن عام، ولا تقبل الشركات بالتدريب أو المستشفات الخاصة أو العامة، إلا بمبلغ لا يقل عن 1500 لكل شهر.
3. محدودية المعارض والمؤتمرات للهندسة الطبية، ولا يوجد في المستشفات الحكومية أو الجهات والمؤسسات الخاصة بند أو إجازة لحضور تدريب أو مؤتمر داخل أو خارج السعودية.
صُدمت من الواقع
يقول المهندس محمد المطوع «خريج قبل 3 أعوام من أمريكا»، وتوظف في شركة عملاقة في مجال الهندسة الطبية بأمريكا، وهي شركة جنرال إليكتريك الطبية لمدة عامين «خبرة»، «كان طموحي العودة إلى الوطن وخدمته، وحين عدت في مايو الماضي صُدمت من الواقع هنا، فثمة معاناة شاقة للحصول على وظيفة في هذا المجال، وغالبية العاملين في هذا القطاع أجانب، وحتى هذه اللحظة أبحث عن وظيفة دون جدوى، رغم مطابقة كل متطلبات الوظيفة وإجادتي اللغة الإنجليزية ولدي خبرة وشهادة في التخصص».
الخبرة المبالغ فيها
أكدت المهندسة خلود المطيري «خريجة من كوريا الجنوبية في2021»، أنها تخرجت من واحدة من أفضل 3 جامعات في دولة الابتعاث، وكانت متوقعة حصولها على فرصة وظيفية عند عودتها إلى المملكة، عطفًا على تميز خريجي هذه الجامعة وقلة عددهم، مبنية أن «الهندسة الطبية الحيوية علم كبير وشامل، والمجالات الوظيفية له عدة، والتي من بينها صيانة الأجهزة طبية، والمبيعات، وشؤون تنظيم الأجهزة ودخولها، ومهندس مخطط لمشروع تجهيز أجهزة طبية لمنشآت صحية، ومجال تعليمي أو مجال الأبحاث والجودة والمقاييس، وأخرى عدة».
وتحفظت إزاء ما أسمته طلبات وظيفية صعبة، والتي من بينها الخبرة المبالغ فيها، إذ غالبية المنشآت تشترط خبرة لا تقل عن عامين، وهذا لا يصب في مصلحة أبناء وبنات التخصص المتخرجين المقبلين على الحياة المهنية، وشح توفر الوظائف لعديمي الخبرة بالتخصص، موضحة أن التخصص يعتبر شبه جديد نسبيًا على سوق العمل السعودي، ومحدود بأعداد معينة، لذلك نجد تنافسًا كبيرًا من المهندسين الأجانب.
وألمحت إلى أن الخريجين القادمين من الخارج يعانون عند رجوعهم للوطن كمهندسين طبيين، بسبب اختلاف طبيعة الدراسة بالتخصص، إذ أن التخصص في السعودية يركز بشكل كبير على صيانة الأجهزة الطبية، بينما خريجو الخارج الذين تعمقوا في أكثر من جانب دراسي، مثل الصيانة وتصميم وبرمجة الكمبيوتر، والأبحاث من هندسة أنسجة وصناعة الخلايا الدماغية وغيرها، لذلك بعض أقسام التوظيف الخاصة بصيانة الأجهزة الطبية، يتخوفون من خريج «الخارج» لاعتقادهم أنه غير ملم جيدًا بجانب الصيانة للمعدات الطبية، وبالأخص في الصيانة للمهندسة، لأن نسبة المهندسين «الذكور» أكثر من المهندسات، ربما في اعتقادهم أن القوة الجسمانية لها دور باختيار المهندس لوظيفة الصيانة، لافتة إلى أنها من سكان المنطقة الشرقية، وانتقلت إلى الرياض للعمل كمتطوعة في بعض المستشفيات في الرياض لكسب خبرة مهنية، متمنية التوفيق والنجاح لجميع أبناء وبنات التخصص.
لا تقدير ولا احترام
عبر المهندس عامر الشمري «عاطل عامين»، عن ندمه الشديد، للدخول إلى تخصص الهندسة الطبية في الجامعة، جراء معاناته الكبيرة في التوظيف، رغم أهمية وقوة التخصص دراسيًا، واشتراطه لدرجات عالية للقبول الجامعي في الشهادة الثانوية واختباري القدرات والتحصيلي من المركز الوطني للقياس والتقويم، وقال «خريجو هذا التخصص «مهمشون» وظيفيًا، لا وظائف مناسبة، وليس لديهم مكاتب «لا تقدير ولا احترام»، أعمالهم في الورش، وتنقلاتهم كثيرة داخل المناطق والمحافظات، دون أي مزايا وظيفية أو بدلات مالية أسوة بالكوادر الصحية والطبية، ناهيك عن تدني الرواتب»، واصفًا الوضع الوظيفي للخريجين بـ«المستفز».
هيئة التخصصات
بدوره، أكد المتحدث الرسمي باسم هيئة التخصصات الصحية فهد بن سعد القثامي، لـ«الوطن»، أن «هيئة التخصصات الصحية، تقوم بعملية التوثيق والتصنيف والتسجيل والتدريب للممارسين الصحيين، ودورها مهم في حماية وتعزيز الصحة بقيادة ممارسين صحيين يخدمون المجتمع بإنسانية وكفاءة، أما ما يتعلق بالجانب التوظيفي فهو ليس من اختصاص الهيئة».
من معاناة خريجي الهندسة الطبية الحيوية
التخصص معلق بين جهتين تتنازعان تصنيفاته.
طلب خبرة لا تقل عن عام من الخريج لتوظيفه.
محدودية المعارض والمؤتمرات للهندسة الطبية.
اختلاف طبيعة التخصص بين الدراسة في الداخل والدراسة في الخارج.
التخصص جديد على سوق العمل.
العاملون به يعملون في الورش ويتنقلون بين المحافظات والمناطق بلا مزايا أو بدلات.
غياب البنود التي تتيح للعاملين فيه حضور تدريبات أو مؤتمرات في الداخل أو الخارج.
98 % من وظائف القطاع يشغلها أجانب.