مثل شيخ متعب أخذت منه السنين، يتكئ حي البادية وسط حائل، ويروي قصة نهوض وخفوت، ويسرد أول خطوات مشاهد التنمية التي بدأت مع بداية وحدة المملكة العربية السعودية.. ومنذ فجر وحدة المملكة اتخذ قرار يعد واحدا من أعظم المشاريع التنموية، وتمثل بتوطين البادية بهدف استقرار مجتمع البادية والارتقاء بسبل معيشته.

وبناء على هذه الرؤية أسس المشروع عددا من مناطق الاستيطان الصغيرة «الهجر»، التي زودت بالخدمات الأساسية، وعملت تلك الهجر على تغيير نظام الحياة للأسرة البدوية نحو الاستقرار والسكن في بيوت بديلة للخيام المؤقتة، وأصبح النظام المعيشي للأسر يعتمد على الإنتاج الزراعي أو التجارة.

واتساقا مع هذه الخطوة، تأسست أحياء في عدد من مدن المملكة، احتفظت باسم «حي البادية»، وكان من بينها حي البادية في حائل، والذي أسس في سبعينيات القرن الماضي، ومنح قاطنوه قروضا عقارية وأراضا سكنية، وكان جل سكانه في ذلك الوقت من أبناء البادية ممن اختاروا السكن والاستقرار في المدينة، وهجروا حياة البدو والترحال، واستعاضوا عن بيت الشعر ببناء على الطراز المعروف حينئذ، وأوجدت في الحي الخدمات الأساسية ومدارس التعليم للبنين والبنات، ومراكز الرعاية الصحية وغيرها.

وبعد سنوات من النمو، بات الحي يفقد بعض بريقه، فبعض بيوته صار مصيرها الهجر، وبعضها تهالك وآل إلى السقوط، وشكلت لجنة مشتركة من إمارة المنطقة وأمانة المنطقة وإدارة الدفاع المدني وبعض الجهات الأخرى تعنى بمعالجة أوضاع المباني التي تشكل خطورة، وإيجاد حلول لدرء أخطارها، وإن كان عملها يواجه بصعوبات عدة، منها معرفة مالك بعض تلك المنازل.

بداية رحلة

يوضح الشيخ هتاش الهمزاني أن «فكرة توطين البدو كانت مشروعا تبناه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- وهو واحد من أعظم المشاريع التنموية التي فتحت آفاقا مستقبلية واسعة للبلاد، فقد كان مجتمع البادية قبل توحيد المملكة العربية السعودية في حالة ترحال وعدم استقرار، سعيا خلف الماء والمراعي، فضلا عن التناحر والنزاعات والغزوات بين القبائل، وهو الأمر الذي يستحيل معه إيجاد أي وسيلة لتحقيق التنمية».

وأشار هتاش الهمزاني إلى أنه «في عام 1970 بدأت مراحل توطين البادية بالتوسع من خلال تنفيذ عدد من المخططات السكنية، ومع إنشاء صندوق التنمية العقارية في عام 1975، والذي أسهم بدوره في توفير التمويل اللازم لبناء الوحدات السكنية، وتم استقطاب عدد من أبناء البادية وانصهارهم في مجتمع حضري موحد».

ونوه الهمزاني إلى أن «لحي البادية من اسمه نصيب، فقد شهد أهم مراحل توطين البادية بالمنطقة في منطقة حضرية بعيدا عن الهجر والقرى، ويعد مشروعا اجتماعيا كبيرا، فقد صهر أبناء البادية مع المجتمع الحضري، وأوجد مجتمعا يحمل قيما ومبادئ دمجت بين إيجابيات المجتمعين، وأنتج أجيالا كثيرة خدمت البلد في كافة قطاعاته».

وبين أن الحي يقع في موقع متميز وجاذب للسكن، ولكن مع تقادم السنين وتغير السلوك والنمط العمراني، ترهل الحي وشاخ، وأصبحت مبانيه قديمة وتحتاج تأهيلا وتطويرا، تتطلب خططا تعنى به وتوجد خطط وحوافز تسمح بتطويره.

بساطة وتلاحم

أوضح سعود زبن الشمري، وهو مدير لإحدى الإدارات الخدمية في حائل، وأحد قاطني الحي «ولدت وترعرعت في الحي الذي استوطنه والدي مع قرار هجرة توطين البدو، وعاش في الحي وما زال يعيش فيه فلا أجد نفسي بعيدا عن هذا الحي، الذي هو عنوان البساطة والتلاحم والترابط، فلا زال أهالي الحي يعرفون بعضهم بعضا، ويتشاركون الأفراح والأحزان، ويقع حي البادية في وسط مدينة حائل، وتجاوره أحياء الوسيطاء والعزيزة والمنتزه الغربي، وحي صلاح الدين الغربي، ويشرف عليه حي أجا كلوحة فنية تعتلي الحي».

وأضاف «يعد أشهر المعالم في الحي شارع سمي باسم الدبلوماسي والمفكر فهد المارك‬، الذي ولد بحائل 1910، وتعلم مبادئ التعليم، واستكمل دراسته خارج مدينته، له عدد من المؤلفات، أبرزها من شيم الملك عبدالعزيز».

حي البادية

يقع في حائل

إنشاؤه هدف لتوطين مجتمع البادية

1970 بدأت مراحل توطين البادية

1975 إنشاء صندوق التنمية العقارية