غالباً ما يستمتع الأشخاص بإطلاق هذا القانون، وتشبيهه على بيئاتهم الاقتصادية والفكرية والاجتماعية وغيرها من البيئات، التي يُخرج منها الشيء الرديء، الشيء الجيد
أما وأنا أتجول في المكتبات التجارية، ومتاجر الكتب الإلكترونية، والتي أحب دائماً زيارتها والاستمتاع بمشاهدة الجديد فيها، فإني أرى عكساً هائلاً في طريقة طرح مثل هذا القانون.
لأن الكتب الرديئة لا يمكنها أبداً طرد الكتب الجيدة، وقوائم عشاق الكتب التي تتداول غالباً قبل كل معرض كتاب، تؤكد مثل هذه الفكرة، الروايات العظيمة التي كتبها أمثال ديوستيوفسكي وتلوستوي وفيكتور هوجو وعبدالرحمن منيف وغيرهم من الكتاب الخالدين، والسير الذاتية الكبيرة كالـ «سبعون» لميخائيل نعيمة، وأيام طه حسين، وحياة في الإدارة، والوزير المرافق لغازي، وغيرهم من الكتاب الكبار في مشارق الأرض ومغاربها، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن ما ينطبق على الاقتصاد والسياسة، لا يمكن أن ينطبق على الفكر والثقافة.
الأسبوع الماضي قرأت رواية لشاب سعودي، وهذه الرواية تعتبر الرواية الثالثة أو الرابعة له، وقبل سنوات قرأت روايته الأولى عندما أصدرها، وبصراحة، فإني أحبطت جداً من المستوى العادي له، رغم السنوات الفارقة بين الروايتين، وعلى هذا الروائي الشاب أقيس مجتمع الكتاب والروائيين الشباب، والذين تملأ رواياتهم رفوف المكتبات، والذين نعلم جميعاً أنهم قد دفعوا قيمة نشرها سابقاً للناشرين. اليوم نحن أمام سيل جارف من الكتب والإصدارات شبه اليومية، والتي بطبيعة الحال لا أقف ضدها أبداً، بل أنا معها، ما دام أن كتّابها يتطورون إصداراً بعد إصدار.
نصيحتي كقارئ للكتاب والروائيين الشباب، لا تستعجلوا في النشر، انتظروا حتى تنضج تجاربكم، جربوا أن تنشروا كتاباتكم في صفحات الإنترنت، قبل أن تصدروها كمطبوعات، وتذكروا أن قوانين المجتمعات الثقافية مختلفة تماماً عن القوانين الاقتصادية، ففي الثقافة والأدب أيها السادة، الكتب الجيدة بالطبع تطرد الكتب الرديئة مهما طالت بها الأزمان.