الاحتراق الوظيفي هو مصطلح يعبر عن الحالة النفسية لدى الموظف الذي ينخفض أداؤه في العمل على غير المعتاد، وتدني الرغبة في الحضور إلى مقر العمل والشعور بالتعب، وفقدان الطاقة.

أول من تحدث عن هذا المفهوم هو عالم النفس الأمريكي هربرت فرويدنبرغر في العام 1974م نحو معرفة الأسباب والدوافع وراء هذه الحالة. انعكاسات الاحتراق الوظيفي على الشخص تظهر في انخفاض طاقته عمومًا، وعدم رغبته في فعل النشاطات التي كان يمارسها في السابق.

حيث إن الإرهاق يأتي ما بين ارتفاع المخرجات وانخفاض المدخلات، ارتفاع سقف التوقعات يوسع فجوة الاحتراق الوظيفي، وأيضًا ساعات الدوام الطويلة تسبب الاحتراق الوظيفي وأكثر من يعاني منه العاملون في المجالات الصحية نظرًا لأوقات الدوام الطويلة وارتفاع الأعباء الوظيفية.

وليس ارتفاع ساعات الدوام أو ضغوطات العمل فقط هي السبب، بل حتى قلة الصلاحيات، حينما لا يستطيع الموظف حل المشكلات والتعامل معها بسبب تدني سقف الصلاحيات الممنوحة له في التصدي للمعوقات داخل المؤسسة.

كما أن نقص التحفيز أيضًا ماديًا كان أو معنويًا نقطة مهمة في الاحتراق الوظيفي، إضافة إلى ضعف الحياة الاجتماعية في بيئة العمل من حيث التعامل مع الموظفين كالآلات والأدوات مع تباعد العنصر البشري كالمسافات بين المكاتب أو خطوط الإنتاج الشاسعة المسافات في بعض الأعمال الميدانية.

إضافة إلى عدم تغطية احتياجات الموظف لكي ينجز أعماله بالأدوات اللازمة والإمكانيات، رغم أنه مكلف بأعمال تتطلب أدوات معينة غير متوفرة في بيئة العمل، وأخيرًا صراع القيم وهو حالة من الصراع بين قيم الموظف وما يمارسه من التدليس والكذب التي تخالف قيمه كالكذب في تحقيق المبيعات، والغش بما يخدم مصلحة العمل، والتملق عند المدراء لكي يحصل على منصب أعلى وهكذا.

ليست تلك الأسباب وحسب، وإنما ذلك جزء من الصورة الكاملة للاحتراق الوظيفي، حيث إن منظمة الصحة العالمية على وشك الشروع في تطوير المبادئ التوجيهية في الرفاهية العقلية في بيئة العمل.

الموظف المجتهد في عمله المبادر بأخذ عاتق المسؤولية نحو إكمال العمل إلى خارج أوقات الدوام الرسمي ويعمل ليلًا ونهارًا وفي أوقات الإجازات ليس بالضرورة أن يكون عرضةً لذلك الاحتراق.

ولكن من لم يستطع تحمل ضغط العمل، وكانت الضغوطات فوق مستوى طاقته، أي أن المخرجات أكثر من المدخلات مع سقف الطموح العالي هو من يتعرض لذلك النوع من الاحتراق.

فما تتحمله أنت قد لا يتحمله غيرك، وذلك بحسب الطريقة التي نتعامل بها في إدارة ضغوطات الحياة اليومية، لذلك فإن المشكلة لا تتعلق بالموظف وحسب وإنما توافر البيئة المناسبة والمناخ الإيجابي هو أحد الحلول لهذه المعضلة والابتعاد عن المحبطين أيضا.

وفي حالة عدم الارتياح بعد استنفاد جميع الحلول الممكنة، يمكنك تغيير عملك، ولكن ذلك الحل هو الخطوة الأخيرة، بينما يمكن أخذ فترة راحة أثناء فترة الدوام بين أوقات العمل بحيث تستعيد نشاطاتك وحيويتك، إضافة إلى السفر في رحلة لتغيير الجو والروتين اليومي سوف يعيد لك طاقتك وحيويتك.

ومن ناحية أخرى تقسيم المهام بطريقة عادلة أيضًا من قبل المدراء وعدم الاعتماد على موظفين محددين وإنهاكهم في العمل، مع الأخذ بالاعتبار تدوير أدوار الأفراد في المنظمة سوف يخلق أيضا نوعا من التغيير، لمن يعاني من الاحتراق الوظيفي، حيث إن تغيير القسم من أحد الحلول الناجعة لحل تلك الأزمة.

وأخيرا ليس هناك حل للاحتراق الوظيفي بقدر التعرف على نفسك أولا، وفهم إمكانياتك وتوظيفها بطريقة صحيحة تضمن لك حياة أسهل، وتجنبك المزيد من الضغوطات والعقبات.