يرى علماء الإدارة أن التنويع بين المدارس والاتجاهات الإدارية أمر مهم جدا للمدير الناجح، ولذا يقولون إن أفضل المديرين هم الذين يتمكنون من النظرة الشمولية للأفكار كافة، وبالتالي استخدام أفضلها في المواقف التي يمر بها في حياته الوظيفية.

وفي ظني أن هذا الأمر يمكن تطبيقه بشكل عام على مناحي الحياة كافة، الاجتماعية والأسرية وغيرها من النواحي الإنسانية. ولأن الإنسان هو المحرك للأنشطة في هذه الحياة، فإنني أعتقد أن التعامل معه يجب أن يتم بنوع من الحذر والحيطة والانتباه.

التعامل بشكل حاد وجاد وعقلاني في كل الظروف ومع كل الناس بأجناسهم ومواقفهم كافة يجعلك بالتأكيد شخصاً غير محبوب على الإطلاق. والمحبة والقبول في نظري يعتبران سمتين تتميز بهما دوماً الشخصيات الناجحة.

يقال دائماً إن المثقفين وأصحاب الفكر يعيشون معزولين في أبراج عاجية بعيداً عن الناس وهمومهم وأفراحهم وأتراحهم، وفي ظني أنهم ليسوا بعيدين بقدر ما هم غير قادرين على التعايش بذكاء مع متطلبات المواقف الحياتية مع بيئاتهم من حولهم. فأصحاب الثقافة والفكر الذين يعيشون بين أفكارهم، غالباً ما يتعاملون بالجدية والحدية مع الأشخاص من حولهم، والناس ترغب بالتعامل العاطفي والإنساني في كثير من مواقفها.

عزيزي القارئ، إن اتزانك في التواصل والاختلاط، وكذلك تنويعك ما بين مواقفك وردود أفعالك الجدية والإنسانية والعاطفية يعطيانك نوعاً من الذكاء العاطفي في علاقاتك مع الآخرين، وهذا من شأنه أن يجعلك دائماً في مواقف متقدمة ومتميزة.

يعتقد بعض الأشخاص الأذكياء أن النظرة الحدية هي التي يجب أن تكون سيدة الموقف في هذه الحياة، وبطبيعة الحال لا بد من أن تكون العقلانية والمنطق هما الركنان الأساسيان المسيطران على هذه النظرة. أما أنا فأعتقد أن النظرة الحدية يجب أن تكون في حدودها الطبيعية بجانب النظرة العاطفية والنظرة الإنسانية وغيرها من السمات الأخرى التي يتوجب عليك أن تنوع بينها حسب طبيعة المواقف والأشخاص الذين تعيش بينهم.

لاحظ حولك ممن هم عقلانيون وجادون في الحياة، حتى ألفاظهم وتعبيرات أوجههم وألسنتهم تكون جافة جداً. وغالباً ما تجدهم بعيدين كل البعد عن استخدام العاطفة مع الآخرين. وفي ظني أن هذا الأمر بقدر ما يجعلهم مرتاحين في حياتهم من تدخل الآخرين بهم، بقدر ما هم يعيشون في معزل عن مخالطة الآخرين وجذب اهتمامهم والفوز بمعاشرتهم والاستفادة منهم ومن قدراتهم.

أعود لأقول بأنني أظن أو هكذا أعتقد أن الأشخاص الجادين بشكل دائم؛ هم بالضرورة أشخاص غير محبوبين، وغير ناجحين في قيادة وتحفيز الآخرين. ولذا عزيزي فإذا كنت ترغب في أن تنجح في عملك أو تجارتك أو حتى محيطك الأسري، فعليك دائماً أن تنوع بين أساليبك الجدية والعاطفية والاجتماعية، وذلك من أجل أن تحظى بحياة يحترمها الجميع ويستطيع أن يتعايش معها ويستفيد منها ويفيدها.

نافذة: الأشخاص الجادون بشكل دائم؛ هم بالضرورة غير محبوبين، وغير ناجحين في قيادة وتحفيز الآخرين.