أوضحت دراسة أمريكية حديثة أن الرجال أشد تأثرا من النساء في حالات الطلاق، معيدة الأمر إلى أن النساء وعلى الرغم من تأثرهن النفسي نتيجة الطلاق، إلا أنهن يتأقلمن مع حياتهن الجديدة بشكل أسرع من الرجال، نظرا لطلبهن الدعم النفسي والمعنوي والمشورة من دائرة الأصدقاء والمعارف والمتخصصين، على عكس الرجل الذي يواجه صعوبة أكبر في التأقلم مع الوضع المستجد، على الرغم من أنه قد يكابر في البداية ويدعي اللامبالاة وعدم الاكتراث.

وأثبت عدد من الدراسات الأخرى أن النساء غالبا ما يبادرن إلى طلب الطلاق، وهذا بحد ذاته من شأنه أن يُحدث صدمة نفسية لدى الرجل، ويُحدث آثارا نفسية وعاطفية لديه مثل الشعور بالذنب والقلق والتوتر والكآبة والأرق، ناهيك عن أزمة الهوية.

هذه الآثار تصيب النساء والرجال معا، ولكن يكافح الرجال في الغالب بشكل أكبر في التعامل معها فلا يطلبون العون والمشورة مما يؤخر تعافيهم وتأقلمهم مع الوضع المستجد.

إلى جانب ذلك، تتفاقم المشكلات الصحية لدى المطلقين أكثر من المتزوجين، نظرا لتدني مستوى المعيشة والصعوبات الاقتصادية التي قد يعانيها الطرفان، ومنها ضعف جهاز المناعة والإصابة بأمراض القلب وتغير الوزن بشكل ملحوظ إما بالزيادة أو النقصان.

مناورة دفاعية

أوضحت دراسة غربية أجرتها مجلة «صحة الرجال» على شبكة الإنترنت أن الرجال غالبا ما يناورون بعد الطلاق، فيبادرون إلى الخروج مع الأصدقاء، أو يسارعون للارتباط بأنثى أخرى، حيث يتعالى 26 % منهم على ما حدث من طلاق، فيما قال 36 % إنهم يبتسمون بلا مبالاة في وجه الطليقة، لكن النتائج التي خلصت إليها الدراسة أكدت أن تلك ليست سوى أقنعة زائفة يخفي بها الرجال مشاعرهم الحقيقية، لأنهم يجدون صعوبة بالغة في التعامل مع آلامهم أو غضبهم أو إحباطهم.

ويؤكد متخصصون أن الإحساس بالوحدة غالبا ما يباغت الرجال في مرحلة متأخرة قليلا عن الطلاق، فيما تعبر النساء عن الأمر بشكل أوضح وأيسر، مثل البكاء، أو الحديث مع الأخريات عن الأمر، ما يساعدهن على التخلص عاجلا من محنتهن.

وبينت الدراسة أن 95 % من الرجال المطلقين يغيرون مسكن الزوجية، ولا يحبون العيش فيه بعد الانفصال، لأنه يشعرهم بالفراغ والوحدة.

تفاصيل مهمة

دعت الدكتور نورة الصويان، الأستاذ المشارك في علم الاجتماع في جامعة الإمام، استشاري علاج الزواج الأسري في مركز مودة ورحمة للاستشارات الزوجية، إلى إعداد دراسة لقياس حجم تأثير الطلاق على كافة الأطراف في المجتمع السعودي، وقالت «من خلال التتبع للكثير من الدراسات التي أجريت في عدد من بلدان العالم نجد أن الرجال أكثر تأثرا من النساء بعد الطلاق، ومن المؤكد أن الرجل السعودي كأي رجل في العالم، لكننا بحاجة إلى مزيد من الدراسات العلمية الدقيقة لقياس حجم تأثير الطلاق على كافة الأطراف المتأثرة والمعنية به».

وتذكر الدكتورة نورة الصويان أن إحدى الدراسات الحديثة توصلت إلى أن «الرجال يعانون من حسرة في القلب، في حين تميل النساء إلى الشعور براحة أكبر بعد الانفصال، فيسعين إلى البحث عن العلاج ومشاركة عواطفهن في بيئتهن الشخصية، ولكن الرجال يطلبون المساعدة والتعبير عن مشاعرهم في مكان مجهول حتى لا يوسموا بالضعف».

وتابعت «ذكرت دراسة أخرى أن الرجل أكثر عرضة من النساء للانتحار بعد الانفصال».

نوع من المبالغة

ينوه الدكتور عبدالله عبد العزيز اليوسف المتخصص في علم الاجتماع، عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى عدم اتفاقه مع الدراسة الغربية التي أقرت أن الرجال أشد تأثرا من النساء في الطلاق، ويقول «أعتقد أن في هذه الدراسة نوعا من المبالغة، فلا شك أن الطلاق يعد نهاية لعلاقة مقدسة بين الزوجين.. ونحن نتحدث عن انعكاسات الطلاق على المرأة، فالزواج يمثل للمرأة في المجتمعات الإسلامية والمحافظة جواز المرور والقبول الاجتماعي واكتشاف الذات».

ويضيف «الأنثى تكتسب الرضا عن الذات من خلال قبول الآخرين لها، فهي تفهم ذاتها وتشعر بكامل أنوثتها من خلال قبول الآخرين لها، والطلاق يمثل رفضا لهذه الذات، وفشلا في تحقيقها، وصدمة الطلاق تمثل للأنثى أكبر صدمات حياتها، حيث تجسد عدم قبول الآخرين لها، ولذا تتذوق المرأة مرارة الطلاق أكثر من الرجل، فأعتقد أن حفلات الطلاق التي نطلع عليها في شبكات التوصل الاجتماعي ما هي إلا صورة مبالغ فيها، وإنكار لحقيقة الألم الواقع على المطلقة».

بعض الاتفاق

يتفق متخصصون مع الدكتور اليوسف في أن حفلات الطلاق التي انتشرت في الآونة الأخيرة ما هي إلا محاولات لإنكار الألم، وربما التقليد، والرغبة في الانتقام، خصوصا إذا ما كانت المطلقة قد تعرَّضت خلال حياتها الزوجية إلى الإهانة والإساءة النفسية، أو البدنية، أو عانت سنوات للحصول على الطلاق.

لكنهم يرون أيضا أن المطلق يعاني بدوره، خصوصا في مجتمعات رجولية -مثل مجتمعنا- تعيب على الرجل إظهار ضعفه، ما يجبر المطلق على كتم معاناته واحتقانه النفسي.

ويشيرون إلى أن معاناة الأب المطلق قد تكون مضاعفة حيث يخسر بطلاقه دوره كزوج، وكذلك كأب. أما أطباء الصحة النفسية فيؤكدون بحسب مجلة (الصدى)، أن السبب الآخر الذي يضايق الرجال بعد الطلاق ليس فقط فقدان دورهم كأزواج.

ويتجلى تأثر المطلق بإصابته بأعراض عدة بما فيها أعراض جسدية مثل الإرهاق المزمن، والقرحة، وتساقط الشعر، وأمراض القلب، وبعض الأمراض الجلدية مثل الحساسية.

من أرقام الدراسة

26 % من الرجال يتعالون على آلام الطلاق

36 % من الرجال المطلقين يدعون اللامبالاة حيال الطلاق

95 % من الرجال المطلقين يغيرون مسكن الزوجية بعد الانفصال