تعاني عدد من الأحياء السكنية الحديثة من غياب التشريعات العمرانية التي ترتقي بعلاقة المجتمع المحلي في البيئة العمرانية، وبشكل يحقق مستهدفات الرؤية الوطنية 2030 في خلق مجتمعات عمرانية مستدامة قادرة على الاستقرار والإنتاج والعيش بصحة وسعادة.

ويغلب النسيج العمراني الشبكي في عدد من الأحياء السكنية في المدن السعودية حيث تتعامد الطرق وتتوزع الخدمات والأنشطة العمرانية وفق معايير الكثافة السكانية، من دون تحليل شامل للمتطلبات المعيشية للمجتمع المحلي.

لقد توسعت المدن أفقياً وأصبح السعي نحو تطوير الأحياء السكنية لتوفير أكبر قدر من الوحدات السكنية والخدمات بعيداً عن معايير جودة البيئات السكنية.

وفي ضوء الرؤية الوطنية 2030 أطلق برنامج جودة الحياة عدة مبادرات في مجال الإسكان والتصميم العمراني والبيئة، والتي تسعى في مجملها إلى استحداث خيارات أكثر حيوية تعزز من أنماط الحياة الإيجابية، وتزيد تفاعل المواطنين والمقيمين مع المجتمع.

نمو متسارع

يشير الدكتور وليد بن سعد الزامل رئيس قسم التخطيط العمراني في جامعة الملك سعود، والمهندس محمد بن عبدالعزيز المزيد في بحثهما المنشور بعنوان «دور اللوائح القائمة على الأشكال في تحسين جودة الحياة في الأحياء السكنية المعاصرة» إلى أن النمو العمراني المتسارع الذي شهدته المدن السعودية خلال العقود الماضية جاء نتيجة زيادة وتيرة التحضر، حيث طغت الشوارع التي تخدم المركبات، مما أدى لخلق بيئات عمرانية غير مستدامة.

ويقرران أن سكان العاصمة الرياض، اعتمدوا على المركبات كوسيلة مواصلات رئيسة منذ ظهور أول مخطط عام للمدينة عام 1973، ومنذ ذلك الحين، توسعت المدينة وانتشرت الأحياء السكنية ذات النظام التخطيطي الشبكي لتلبية الطلب على الإسكان والخدمات وأصبح تطوير الأحياء السكنية يميل إلى توفير أكبر قدر ممكن من المناطق السكنية على حساب الخدمات الاجتماعية والمناطق الخضراء.

معايير قياس الرضا

تضيف الدراسة «توسع مفهوم جودة الحياة ليشمل تحسين البيئة الاجتماعية والمادية وتطوير مؤشرات ومعايير لقياس الرضا السكاني نحو بيئتهم العمرانية. وبشكل عام يعتمد مفهوم جودة الحياة على المعايير الكمية والنوعية على مستوى الفرد والمجتمع، فجودة الحياة تعبر عن مدى رضا الفرد في بيئته الحضرية، من خلال استمتاعه بالبيئة التي يعيش فيها وشعوره بالرضا حتى يتمكن من استثمار كل قدراته وإمكانياته لخدمة مجتمعه. لذلك، فإن التشريعات العمرانية واللوائح القائمة على الأشكال تعد إحدى الأدوات المهمة لتنظيم الفراغات العمرانية في الأحياء السكنية بما يتلاءم مع المتطلبات المعيشية للمجتمع».

التصور الأمثل

طبقت الدراسة نموذج الحالة الدراسية لأحد الأحياء في مدينة الرياض، واستقرأت رأي عينة من السكان حول التصور الأمثل للبيئة العمرانية في سياق الحي السكني الذي يعيشون فيه.

وقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن «النظام التخطيطي للأحياء السكنية يمكن أن يسهم في تشجيع حركة المشاة، كما للوائح العمرانية للفراغات العامة في النظام التخطيطي للحي السكني أن تحسن من اختيار المواقع المثلى للحدائق والخدمات العامة في الحي السكني».

وتؤكد الدراسة أن «المعايير والمعدلات التخطيطية يمكن أن تعزز من مستويات الخصوصية والأمن في الحي السكني من خلال تقليل التقاطعات الخطرة، ووضع المناطق التجارية على الأطراف، وتوفير مواقف كافية، ومسارات مشاة آمنة، وتوزيع الخدمات بشكل يخدم الوصولية.

وأوصت الدراسة بالمزيد من العمل على تعزيز تعاون الجهات التشريعية ممثلة بوزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، والهيئة العامة للعقار مع المطورين العقاريين والمجتمع المحلي للوصول إلى نماذج تطوير متكاملة للأحياء السكنية يعزز من جودة الحياة.

كما أوصت كذلك بتطوير موجهات إرشادية للمطورين العقاريين لتطوير الأحياء السكنية بما يتلاءم مع اعتبارات جودة الحياة في المدن السعودية ضمن إطار رؤية 2030.

وتشتمل الموجهات على رؤية وأهداف إستراتيجية مبنية على المشاركة المجتمعية، وتتضمن معايير لتطوير الأراضي والطرق داخل الأحياء السكنية، كما تحتوي على قواعد التزامات المطور تجاه السكان ويتم التحكم بها من خلال ضوابط قانونية معتمدة من الجهات التشريعية.

نتائج الدراسة

النظام التخطيطي للأحياء السكنية يمكن أن يساهم في تشجيع حركة المشاة

لوائح الفراغات العامة يمكنها تحسين اختيار مواقع الحدائق والخدمات

المعايير يمكن تعزيز من مستويات الخصوصية والأمن في الحي

توصيات

مزيد من التعاون بين الجهات التشريعية وهيئة العقار مع المطورين العقاريين

تطوير موجهات إرشادية للمطورين العقاريين لتطوير الأحياء السكنية

تشتمل الموجهات على رؤية مبنية على المشاركة المجتمعية

تتضمن الموجهات معايير تطوير الأراضي والطرق داخل الأحياء

تحتوي على قواعد التزامات المطور تجاه السكان