حقيقة شدني ما أطلقه وزير الثقافة على أن العام القادم هو عام القهوة السعودية، والتي أقرها احتفاءً بهذا العنصر الثقافي المرتبط بالهوية والمجتمع السعودي بأطيافه كافة.

هذه التسمية في ظني ليست تسمية شرفية فقط للعام، فمثلما كان هذا العام 2021 هو عام الخط العربي، لذا فإن الكثير من الأعمال والبرامج في وزارة الثقافة وفي الهيئات التابعة لها وفي المناشط كافة التي تؤخذ فيها موافقة الوزارة، جاءت متناغمة مع مسمى العام.

وحيث يرى بعض المهتمين بالإدارة أن المنظمات شبيهه بالأشخاص، إذ يمكن لها أن تنشأ وتقوى وتضعف وتتلاشى وتموت وووو إلخ. من الصفات التي تحدث للأفراد، فإن طريقة تفكيرها أيضًا شبيه بتفكير الأفراد.

ولذا يمكنني أن أتساءل ما هو شعارك للعام القادم؟ ما شعارك الذي تعتقد أنك ستوجه إليه كل طاقاتك وكل أفكارك وكل أعمالك في العام القادم؟

أعترف أنني حاولت في سنوات ماضية أن أعتمد على هذه الطريقة في بناء شخصيتي تجاه بعض المعارف والمهارات. حيث خصصت أحد الأعوام الماضية لتعلم لغة أخرى، وجاهدت من بداية السنة وحتى ربعها الأول في توجيه كل طاقاتي لهذا الشعار الذي رغبت فيه، ولكني للأسف فشلت، وما أفشل فيه قد ينجح فيه غيري، ولذا أحببت أن أكتب عن هذه الفكرة لعل أحدًا يقرأها ويستفيد منها.

أعتقد أن تسمية العام لأي فرد يبدأ من الحاجات التي يرغب هو في اكتسابها. والشعار في رأيي يكون أكبر من الأهداف، حيث إن شعار العام ينطوي على عدد من الأهداف التي تخدم الوصول إلى الأمر الذي يرغب المرء بامتلاكه والذي جاء الشعار معبرًا عنه.

فمثلًا لو أراد شخص أن يتعلم اللغة الصينية، فإنه يمكن له أن يسمي بينه وبين نفسه أن العام القادم عام اللغة الصينية. وبذلك يبدأ في صياغة المشاريع والبرامج والأهداف التي تخدم هذا التوجه، فيمكنه مثلًا أن يبدأ الشهرين الأولين في الاستماع لمدة ثلاث ساعات يوميًا لأحاديث باللغة الصينية وهذا يعتبر برنامجًا أوليًّا، وكذلك يمكنه أن يسافر لمدة ستة أشهر لمدينة صينية، وهذا هدف مستقل بذاته، ويمكنه أيضًا أن يزور أحد المعاهد الصينية، ويتعرف على العاملين فيها ويبدأ صداقة مع أحدهم بقصد زيادة التعلم وهذا مشروع مستقل، وهكذا يبدأ الفرد في صياغة المشاريع التي تهدف مسمى العام الذي سماه من بدايته.

اعتماد الفرد على هذه الإستراتيجية التي تحدد له مسمى لكل عام، بالتأكيد سيصنع منه شخصية مثقفة ومطلعة على العديد من الثقافات والمعارف والأفكار. فتخيل أن كل عام يمر عليك يمكن لك أن تسميه بشيء ترغب بمعرفته، فهذا عام الفلسفة والأدب، وذاك عام العلوم الطبيعية، والذي بعده عام اللغة العربية وما تنطوي عليه من معارف، والعام الذي يليه عام التعرف على الجغرافيا والدول التي تهتم وترغب بمعرفتها، وكذا دواليك من الأعوام التي تمر عليك.

تخيل عزيزي القارئ ماذا سيمكن أن تكون عليه شخصيتك بعد عشرة أعوام من الآن لو اعتمدت على هذه الإستراتيجية وبدأت العمل عليها بكل جد واجتهاد.