متى يشعر الإنسان أنه فشل؟.

يشعر الإنسان أنه فشل عندما لا يحقق ما يطمح له في أمر يراه من منظوره هو القيمة الحقيقية له كإنسان، وهذا الشعور الذي يأتي مع غضب وشعور بالذنب عميق وكره لكل شيء وشخص مرتبط بهذا الأمر، وكأن قيمته قلت في عين نفسه واعين المجتمع الذي وضع مقاييس لهذا الإطار الاجتماعي للنجاح والفشل.

وفي هذه النقطة يجب أن نفرق بين أنواع الفشل. أول نوع من الفشل: هو الفشل الذي يأتي من عدم وعي الإنسان بإمكانياته ووقته وقدراته، هذا النوع يلام عليه الإنسان ١٠٠٪، فليس هناك شيء في الدنيا يمنع الإنسان من النجاح حتى ولو كانت لديه أقل الإمكانيات.

والنوع الثاني من الفشل: هو فشل المنظومة التي ترى الإنسان فاشل، فالمجتمع المتقدم يجب أن يرى في هذا الفاشل إنسانًا لم يعرف وجهته بعد ويجب تشجيعه ومحاولة توجيهه لأماكن مختلفة مع النظر له أنه شخص مهم لهذه المنظومة ولا يشعر بتأنيب الضمير أو الذنب.

ومن أهم نتائج تطوير الإنسان في المجتمع هو جعله أن ينتج وينجز لأجل نفسه ولإرضاء نفسه أولًا وثانيًا ليكون إنسانًا صالحا، وثالثا ليخدم أهداف وقيم الأمة التي يشعر بالانتماء لها، وليس لإرضاء الأستاذ أو رئيس الشركة أو المسؤول.

فالمواطن أخو الإنسان داخل المجتمع يبقى فردًا من هذا المجتمع في كل مكان سواء داخل هذه المؤسسة أو الجامعة أو المدرسة.

وفي حالة انتقال هذا الإنسان من مكان لآخر يجب النظر لقدراته ووضعه وتوجيهه في المكان المناسب وعدم رفضه كإنسان، لأن رفض الإنسان بسبب عدم قدرته على الإنتاجية في مجال محدد هو رفض لكينونته واحترامه لنفسه، وهذا ما ينتج إنسانا قابلا للانفجار ومشوها نفسيا ورافضا للمجتمع.

إن الإنسان دائمًا قادر علي العطاء حتى لو كان هذا العطاء معنوي على أن يجعل يومًا شخصًا ما أفضل.

لذلك الإنسان دائمًا مبدع وقتل إبداع الإنسان سيجعله آلة تحاول دائما التأقلم وليس العيش.

ولاشك أن الإنسان عبارة عن إنتاجية في المقام الأول، فالعطاء الديني والثقافي والأخلاقي داخل المجتمع والعطاء الذي يتمحور في تنمية مهاراته الإبداعية، والعطاء الاقتصادي الذي يدخل داخل دائرة الاقتصاد سواء كان موظف أو صاحب مؤسسة.

كل هذه الثلاث تدخل في الإنتاجية وتجعل تكيف الفرد أكبر وإنتاجيته أكثر.

ليست الإنتاجية مقتصرة على معناها الاقتصادي فقط؛ بل على العطاء المعنوي والروحي والجسدي والاقتصادي والفكري، أي أن الأمة لها أعمدة كثيرة يجب الاهتمام بها والإنسان هو أساس الأمة.

والأمة لها دائما أسس ثابتة تحركها وتوجهها مثل السفينة في البحر.

ومن أهم القضايا اليوم هي قتل الإبداع في الإنسان عندما تكون العائلة والمدرسة والمجتمع مبرمج على إطار فكري واحد مغلق لا يقدر أن يخرج عنه يكون قتل الإبداع سهل وهنا يشعر الإنسان أنه مهمش داخل هذه المنظومة أو بمعنى آخر تم قتله لأنه لا يشبه الباقين.

ببساطة الفشل هو أكبر معلم للإنسان لأن الفشل يعلمه العديد من الدروس والفشل يقول إن هذا الطريق خطأ حاول في طريق آخر.

وكلما عظم حلم الإنسان كانت محاولاته أكبر وفشله أكثر وأكبر.

لأن قيمة الإنسان مرتبطة بذاته والطريق التي مشت فيها هذه الذات وكمية الدروس التي تشبعت بها. لكن المهم أن يسمع الإنسان لذاته ويعرف المعنى من وجوده، العين التي ترى بها والعقل الذي يفكر والأشخاص الذين يمرون من حولك كل يوم لا يصادفهم أحد غيرك، أيضا المشاعر السيئة والسلبية التي تراودك ليل نهار هي لم تأت إلا لكي تحاول أن تقول لك شيئا لا تتجاهلها أبدا.

حاول أن ترى حياتك بعينك ووعيك وعقلك وليس بأعين الناس ومقايس الخارج، لا أحد سيكون معك في الحياة ولا يشعر بك إلا نفسك، مهما كان هناك أشخاص قريبين منك لن يعرفوك كما تعرف نفسك. حاول أن تجد نفسك وسط زحام الأفكار والمشاعر التي داخلك.