دار وداج أولئك المستشرقون في البلدان العربية، يختصون ويهتمون في العلوم العربية التي نشأت حينما كان بريق العالم العربي في العلوم مضيء على فيء للمحتاج، ومن هناك عثروا على ديار صحراوية ترحب بهم كثيرًا ويخدمونهم ويُضيّفونهم ويساعدونهم على حمل كل عبء غُباري ويُهَودون عنهم حتى نفحات الصحراء التي لم يعتادوها أولئك المستشرقون.

وكما كان للاستشراق إيجابيات كان له سلبيات تقصم الميزان وأهمها الرحلات الاستخباراتية التطّلعية لصالح دول الإنجليز وأوروبا السائدة في تلك الحقبة تاركا ذلك تساؤلا كبيرا عن دور الكَرّم العربي ما بين الطيبةٍ والسذاجة.

نعم، إن أكبر ما أسهم الطَلعّات الاستخبارتية لتلك الدول هي طيبة وكَرم العرب في شبهة جزيرة العرب، الذين لا يُكّرمون بالابتسامة والطعام فقط، بل حتى بتقديم المدد والعون لهذا الغريب القادم وإرسال معه الرجال المؤنات والحماية واطلاعه على كل ما يريد من أماكن جيوجرافية خاصة والإفصاح بأخبار القبائل وحياتهم ومعيشتهم وشؤونهم الخاصة، فيصبحون مصدرا ودليلا لذلك المستخبراتي من باب «لا تبخل على الضيف بشيء».

السائح يظل سائحا، فلذلك يجب أن يتعامل المواطن مع السائح كسائح لا صديق ولا أخ، والسائح له حد بالمعلومات والأخبار وعدم جعلهم يتضلعون حتى في شؤوننا الداخلية للدولة ولا للقبائل ولا للمحيط المجتمعي والجيوجرافي والسياسي الخاص.

إن بغية السائح «التطلع العام والترفّه» وأما عن زود ذلك فهذا من السذاجة إقحام الغريب في شأنٍ خاص.

وهذا لا يعني التخوف أو التوجس من السياحة وما يقدم معها أو ترك مزية الكَرمّ السعودي الذي رَقَتّ رايتهُ علوا على علو، بل على العكس من ذلك مرحبّ بهم والسخاء أصل سعودي، ولكن يجب أن نعلم الحدود في الأمور التي نجد أنفسنا في غنى عنها، (وأن لا نُعّرِف الكرّم لهم بأنه سذاجة و الفزعة والنخوة مهانة) ككلمة تلقى على قوم فيأتوك أذلة مطيعين.