كان الإعلام يتمحور حول نقل المعلومة وبعض الترفيه، وكانت مسألة ضبطه مهمة، لأنه كان مرجعا للمشاهد لقلة وسائل التواصل آنذاك، يستقي المعلومات الخاصة ببلده من تغييرات وبعض المعلومات العامة الثقافية، وجزءا بسيطا للترفيه المحكوم بمبادئ المجتمع، ولأن الإعلام كانت له ثلاثة منابر فقط: التليفزيون والصحف والراديو، فمسألة ضبطه كانت سهلة أيضا.

الآن في عصر الثورة التكنولوجية لن تستطيع السيطرة على المعلومة أبدا، لتعدد قنواتها غير المحكومة، ومن ضمنها مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعتبر منبرا إعلاميا شخصيا مجانيا، بل أصبح مؤثرا أكثر من التليفزيون والصحافة، لأن هناك اعتقادا أن الإعلام التقليدي غير مؤثر بسبب سقف الحرية الذي تكون برأس الإعلامي، كلما حاول الانفكاك منه عاد إليه، وأن مواقع التواصل الاجتماعي هي مساحة حرة لا تقصها رقابة ولا يحكمها فكر معين، وإن كان يعيبها ضعف المحتوى، وافتقاد المصداقية بشيوع الأخبار الكاذبة.

مع الأزمات الإعلامية الأخيرة أثبت بعض تعاطينا الإعلامي أنه كالشيخ الطاعن بالسن، والذي يحاول أن يلعب الكرة، والعيب في الواقع ليس في شخوص ممارسيها، وإنما في أسلوب الفكر القديم، الإعلام الجديد سمح للفكر الجديد بأخذ دور مهم بالتصدي لتلك الأزمات.

نريد بناء إعلام جديد يليق باسم وحجم المملكة وصورتها، نريد إعلاما موضوعيا، يقارع الحجة بالحجة، يضعنا في موقف قوة دائما، يقوم عليه الشباب أصحاب الفكر الجديد الحالي والمستحقين لهذه الفرصة، فلا نأخذ زمانهم طمعا وبهتانا.

ولأن الإعلام أصبح أمرا حيويا في ظل الظروف الإقليمية والدولية وأكثر من حيوي، محليا في ظل رؤية السعودية،يجب إعادة النظر في كيان ودور الإعلام، فلم تعد حوكمة المادة الإعلامية ممكنة -رغم سوء منطقها-، الإعلام المخير الأفضل للجميع، فالمعلومة الخاطئة ستكشف وتسقط أمام الحقيقة -غالبا-، ولن يستطيع إدارة هذا التخيير إلا الشباب، ذلك لأنهم الأكثر تأثيرا في جيل يشبههم.

في الوقت الحالي.. نحن نريد إعلاما جديدا محترفا، لا مجرد اجتهادات تسير بنا إلى سقطة إعلامية غير محمودة.