لا يخلو مجلس من مجالسنا مهما اختلفت أنواعه وفئاته، من الحديث عن مشاهير التواصل الاجتماعي والمؤثرين في هذا الفضاء. بل قد تتحول بوصلة الحديث بأكمله حول هؤلاء المشاهير. ومن دون شك أن الحديث عنهم في الغالب يتمحور حول عبارات أشبعت طرحاً بالإمكان اختصارها بـ«شف شلون اشتهر» «تدري كم يعطونه في الإعلان» «ترا ما سوى شيء بس ضرب عشان سخافته» «رزق الهبل على المجانين»، وغيرها من العبارات القاسية المستنقصة من تلك الفئة الممزوجة بالحسد، بل إن البعض منهم ذهب إلى شيطنتهم ولا يمكن أن يختم ذلك الحديث المفعم بتصدير لغة الكراهية والاقصائية ضد المشاهير إلا بعبارة «لا تجعلوا من الحمقى مشاهير»!

ذلك الخطاب المتكرر والذي أشبع طرحاً بلا جدوى، حتى أضحى من يتبناه مصابين بالملل، ولم يفتحوا النوافذ الإيجابية لأولئك المشاهير في قدرتهم على التأثير في المتلقي، والمحافظة على وهج ذلك الظهور. فيزيد الحديث السلبي عنهم وتزيد رقعتهم ونشاطهم وساحتهم في تضخم مستمر.

مشاهير شبكات التواصل لا يوجد أي منهم لم يبذل جهدا في شهرته، حتى وإن كان كذلك فإن أضواء الشهرة توقعه في أزمة المحافظة عليها وكيفية صناعة محتوى شبه يومي جاذب، ويحظى بديمومة للمتلقي. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن جميع المشاهير في العالم وأعني المشاهير وليسوا قادة الرأي، يكون الغالب في محتواهم ترفيهيا ولا يعاب عليهم ذلك، فهم ليسوا مؤسسات تربوية أو تعليمية للقيام بهذا الدور، أو أن يكون المطلوب منهم معالجة قصور بعض تلك المؤسسات ليعوضوه. فلا نحمل أشخاصا بسطاء يوثقون يومياتهم لمتابعيهم بشكل عفوي، مهمة ودورا لا تقوم به حتى المنظمات الدولية.

الحديث عن المشاهير لا بد وأن يخرج من إطار ودائرة السلبية والاقصائية غير المبررة. فكم من منتج ومشروع تم رواجه وحقق عوائد بفعل أولئك المشاهير؟ وكم من مشاريع وجمعيات خيرية زاد التدفق المالي عليها بفضل ترويجهم لها. وكم من محاولات لتعزيز صور ذهنية إيجابية صنعت لمن هم في الخارج بفعل رسائل مميزة قدمها المشاهير. كم من عوائد اقتصادية وإعلانات كانت تذهب للخارج وأصبحت بين أبنائنا وبناتنا المؤثرين؟

لن أغرق في الأفلاطونية وأقول، إن جميع ما يقدمونه إيجابي، ولكن أيضا من الظلم ممارسة أسلوب التعميم على محتواهم بأنه سلبي. فكثير من المشاهير اعتبروا أدوات ناعمة للدول، علاوة على قدرتهم الكبيرة في صناعة تأثير يفوق أجهزة إعلامية أنفقت عليها مبالغ طائلة، خصوصا وأن متابعيهم من فئة الشباب.

تلك الأدوات المميزة التي يمتلكها المشاهير لا بد وأن تقابلها حالة من الاحتضان من قبل المجتمع وبعض مؤسساته، وتجييرها بشكل إيجابي، وتنميتها وتضمين رسائل غير مباشرة في محتواهم، بدلا من استعدائهم وممارسة الضدية والإقصاء تجاههم، فهم باختصار مكملون للإعلام التقليدي ولا يتنافسون معه.

يقول المثل الأرجنتيني «متى ما دخلت الغيرة، خرجت الحقيقة من العقل».