في عالمنا اليوم عالم القرية الصغيرة بمقياس التأثير والخبر، ومع ثورة التكنولوجيا والمعلومات ومحطات الإعلام الكثيفة أصبحنا نواجه موج بحر لا ساحل له، من كم المصطلحات الجديدة.. والكثير منها مسيس وماكر، أرهقت كاهل كل إعلامي نبيل.. وتربوي شريف.. وقاموسي غيور حريص على قيم مجتمعة وواجبات وطنه وولاة أمره.

فن التلاعب بالمصطلحات لسريان التخدير من أجل التمرير لأفكار وأهداف هدامة انتهازية واستبدادية هو شر قديم يتم تحديثه، نذكر من ذلك مكر إبليس لأبينا آدم وأمنا حواء، حيث سمى مؤامرته بالنصيحة.. وأيضا طبع اليهود وتحريف الكلم عن مواضعه.

كذلك الرهبانية والغلو عند النصارى قال تعالى: (ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ). من الأمثلة على ولادة المصطلحات في كل زمان ومكان عبارة (العلوج) انتشرت في صدر الإسلام، حيث أطلقها خالد بن الوليد، و(الزندقة) شاعت في مجتمع العصر العباسي، و(النقائض) فاض بها العصر الأموي، ومما يحدث الآن ما يلصقة الغرب بالإسلام وهو من صفات البشر، ويخلطونه بميزاته الثابتة على الاعتدال والتوسط ومنبع السلام والجمال، حيث الرحمة العالمية، فنسمع بالإسلام المتطرف والإرهاب، وهلم جرا.

ومن ذلك الترويض المكشوف، وتجنب تسمية الأشياء بمسمياتها، فالمناظر الفاحشة في الأفلام تسمى بالساخنة! دولة الاحتلال الصهوني تسمى دولة إسرائيل.

يقول الدكتور ظافر القرني: لو سألت عالما ما عن المصطلح لقال هي أسماء أُصطلح عليها، وهذا صحيح لا سيما على المستوى العلمي والأكاديمي، وقيل في تعريفها أيضا: مَجموعة تعابير مُصطَلَح عليها من عِلم أو فَنّ أَو مَبْحث. ويقول الدكتور عبد الله بن عبد العزيز اليحيى في كتابه (ترويض العرب بالمصطلحات).. الخلاصة تؤكد أن تدوال المصطلحات الفكرية السياسية الوافدة، والاعتقاد ببراءتها، أو حيادها يعبر عن ضعف مكثف، أو جهل مركب، تؤيده المصطلحات التالية (تفاعل ثقافي- تقاطع ثقافي- انحلال ثقافي- امتصاص- احتواء- غزو- اختراق ثقافي...) إذ يمكن تتويجها بمصطلح (ضياع المعايير).

كثرة المصطلحات وتنوعها أدت إلى فوضى وحالة من الارتباك أو الدمج والانفصام أو الخصام، وليس هناك أهم من دور المصطلحات وتأثيرها إلا ما نورده في النقاط التالية من أجل إدارة فوضويتها وتنظيمها:

- الاكتفاء بالتسمية أو الاقتباس والاشتقاق من القرآن والسنة ثم اللغة العربية، وقد اختارها الله لكتابه، فكيف لا تسع الاشتقاق والتعريب؟ بل والمسمى المقابل لما يردنا من الغرب، والتأصيل والضبط والتحرير على هذا النحو.

- التواصل مع مكاتب تنسيق التعريب والمجامع اللغوية والمراكز الإعلامية العربية وعقد لجان دورية.

- التسمية الدقيقة والصحيحة تقود إلى العلم الصحيح والمعالجة الصائبة والموضوعية لأي مشكلة ما، ومع ذلك فالحكمة ضالة المؤمن، فليس كل المصطلحات تآمرية على إطلاقها.

- أهمية القوة السياسية في صياغة وترويض.

- المصطلحات ودفع قوالب معينة مما يخرج من موروث الإسلام وقيم المجتمع من المفردات البليغة والدقيقة إلى عمليات التصدير.. النشر.. الترويض.

- مجابهة المصطلحات المسمومة بمصطلحات أخرى عادلة ومنصفة مثل تحويل صدام الحضارات إلى حوار الحضارات.

وأخيراً ينبغى علينا أن نتفق مع الطرف الآخر لمعنى موحد لتلك المصطلحات حتى نصل إلى حلول سليمة وعادلة.