من الطبيعي أن يطمح الشاب إلى حياةٍ أفضل، وظيفة مرموقة أو ممارسة أعمال ناجحة، ولكن هل جميع الشباب والفتيات يدركون قوانين الحياة التي تلعب دورا أساسيا في نجاحهم أو فشلهم؟، وهل يدرك الشاب أو الفتاة حتمية الارتكاز على التنمية الذاتية لبلوغ طموحاتهم؟

إن جزءًا من الشباب -لا يمكن تقديره بعدد ما- ليسوا على إدراك لبعض الحقائق التي تلعب دورًا كبيرًا في تحديد ملامح مستقبلهم في الحياة، وهذا بدوره يقودهم إلى نمط حياة على عكس ما يتمنون حتى نهاية حياتهم، وهنا تكمن الخطورة.

من حق الشباب على الجيل السابق أن يضعه في صورة متغيرات الحياة، وهذا واجب أخلاقي لكل من خبر التجارب وعاينها، أن يمد يد المعرفة لكل شاب ولكل فتاة فيوجههم بالرفق واللين تارة وبالجدية المتوازنة تارةً أخرى، لكيلا يقعوا في فخ الفهم الخاطئ الذي قد يعتبرونه الحقيقة المطلقة حول العمل والحياة.

والشباب اليوم رجالاً ونساءً يستحقون هذا الجهد المعرفي من قبل من سبقوهم في مسيرة الحياة، ولذا فطموحات الشباب هي الشكل الطبيعي جدًا لتطور شخصية الشاب وانتقالها من مرحلة المراهقة مدفوعةً بالنمو الإدراكي والمشاعر المحفزة نحو الظهور بمكانةٍ اجتماعية جيدة بين الأقران وأمام المعارف. ويفتقر بعض أو كثير من الشباب إلى النموذج العملي الذي تتطلبه حياة اليوم، فالشاب أو الفتاة اليوم مطالبان باعتماد منهج حياة وأسلوب تنمية بشرية ذاتي ومنظم وقائم على مرتكزات واضحة، فالباحثون عن المستقبل المهني الوظيفي مدعوون إلى تنمية قدراتهم الذاتية في اتجاه الوظيفة، والراغبون بالعمل الحر والاستقلال المالي، وحتى بلوغ الثراء مستقبلاً مدعوون إلى تنمية الذات في هذا الاتجاه.

ولا يمكن لشاب أو فتاة بلوغ أيٍ من هذين الهدفين من دون تنمية ذاتية حثيثة وجادة ومنظمة، فالحياة قطار سريع لا يتوقف لأحد، وعلينا دومًا اللحاق به في جميع محطاته، وهناك من يلحق القطار في موعده فلا يبذل جهدًا في السعي خلفه، وهناك من يتأخر قليلاً، وهناك من يفوته القطار فتكون حياته مجرد مجموعة من الفرص الضائعة.

ولكي نصل إلى المحطة دائمًا في موعدنا فعلينا أن نتجهز دائمًا لمواجهة عامل الزمن الذي لا يرحم، فلسنا نحن الذين نضع قوانين الحياة، ولكنها تفرض دوما علينا، وليس لنا أن نغيّرها، ولذلك على الشاب المهتم بالعمل الوظيفي أن ينظر في تخصصه فيطور قدراته في تخصصه، ثم إذا ما شعر أنه قد بلغ درجةً عاليةً فيه، فعليه أن ينظر في مسألة تطوير قدراته في التخصص المرتبط بتخصصه، مثال ذلك الطبيب الذي يرغب أن يصبح مديرا لمشفى فهو يحتاج إلى دراسة متخصصة في علم الإدارة.

أما الباحثون عن الثراء والاستقلال المالي، ولي عنهم مقالات مطوّلة مستقبلاً بإذن الله، فهؤلاء مدعوون إلى تنمية قدراتهم القيادية قبل أي شيء، وإدراك حقيقة أن المشاريع لا تقوم بالأساس على رأس المال بقدر ما تقوم على قدرة الفرد على القيادة وعلى مهارته في العلاقات العامة.