حوّل عدد من الممارسين الصحيين العقوبة التي تمارس على المعتدين عليهم، وهي عقوبة أقرها النظام لحمايتهم من الاعتداءات التي تكررت عليهم خلال فترة ماضية، لتصبح سلاحا بيدهم يسيئون من خلاله للمراجعين في مخالفة صريحة للائحة السلوك، وكذلك ما يفترض أن يقدمه الممارس الصحي من سلوك لائق ورحيم بمرضاه والمراجعين والمرافقين لهم.

وكانت وزارة الصحة، وتقديرا للممارسين الصحيين (والممارس هو الطاقم الطبي بما فيه التمريضي والإداري القائم على توفير الرعاية الصحية للمرضى)، قد أعلنت عن أن الاعتداء على الممارس الصحي جريمة يعاقب عليها القانون، خاصة بعد زيادة معدلات الشكوى المرفوعة من قِبل الممارسين الصحيين من تعرضهم للاعتداءات، وذلك لضمان حقوقهم، حيث فرضت على المعتدي عقوبة السجن لمدة 10 سنوات، والغرامة المالية التي تصل إلى مليون ريال سعودي.

وأعرب عدد من المراجعين للمستشفيات عن استيائهم من سلوكيات بعض الممارسين الصحيين في بعض المستشفيات، وتعاملهم «المتعسف» على حد وصفهم، والذي يأتي اتكاء على وجود عقوبة رادعة تحميهم، ما دفع بعضهم إلى استغلالها في الإساءة للمريض أو ذويه عند التعامل معهم.

وأوضح مراجعون أنه بمجرد أن تطلب من بعض الممارسين طلبا أو تتحدث إليه بشأن ما، سرعان ما يحضر رجل أمن المنشأة الصحية، ويرفع شكوى على المريض أو مرافقه، دون اعتبار للحالة الصحية للمريض والحالة النفسية لذويه.

رفض الكشف على والدتي

تقول نجلاء الأحمدي «كنت مرافقة مع والدتي في المستشفى، وبدأت تشعر بألم شديد لم أستطع معه تحمل منظرها، فسارعت إلى أحد الأطباء وطلبت منه أن يكشف عليها، وهي التي كانت تشتكي من عدم قدرتها على التبول، لكنه بدأ بتهديدي، والصراخ في وجهي، طالبا ألا أرفع صوتي، مع أني لم أقل له أكثر من أنها تتألم وحرام أن تبقى في هذه الحالة، وبادر من فوره وطلب لي الأمن، لكنهم بعد حضورهم تفهموا الأمر واعتذروا لي، وقدّروا ظرفي، وبرروا موقف الطبيب بأنه ضغط عمل، وبادروا إلى إحضار دكتور آخر».

التهديد باللائحة

تروي خديجة أحمد، وهي مراجعة لإحدى المستوصفات أنها كانت شاهدة على أحد المواقف التي تؤكد تمادي بعض الممارسين الصحيين أحيانا، وقالت «راجعت إحدى المريضات المستوصف خلال انتظاري فيه، وكان واضحا جدا أنها مرهقة ومتعبة، وربما هذا ما أدى إلى انفعالها قليلا على موظف الاستقبال، لكن انفعالها لم يصل أبدا إلى حد التطاول، لكننا فوجئنا جميعا أن الموظف يلوح لها بيده مشيراً إلى اللوحة التي تنص على عقوبات التعدي على الممارس، والتحذير المكتوب فيها، الأمر الذي أرعبها، وجعلها تغادر المستوصف دون أن تنال حقها من الرعاية، على الرغم من أن موقفها لم يكن مخالفا للنظام، وهذا الموقف أشعرني بالقهر، وأحسست معه أن الممارس الصحي بدل أن يشعر بالأمان الذي توفره اللائحة اتخذها سبيلا للتصرف بطريقة غير لائقة دون اعتبار لحاجة المريض إلى الرحمة والصبر بسبب تألمه ووجعه».

الشكوى في تويتر

يسرد أحمد شيخ ما حدث لوالده الذي توفي منذ فترة، ويقول «كنت مرافقا للوالد وهو رجل كبير السن حينئذ، وشبه مقعد، وقد خرجت لفترة بسيطة وقت الظهيرة لقضاء بعض أعمالي، وخلالها طلب من الممرضة مساعدته في أحد أموره، لكنها لم ترد عليه، بل رفعت صوتها عليه وهزأته، وعند عودتي سرد لي القصة فجن جنوني، وذهبت إلى الإدارة وشكوتها، لكنها لم تتجاوب، ما دفعني إلى التواصل مع الوزارة والشكوى عدة مرات عبر حسابها في تويتر».

واستطرد «للأسف حماية الممارس الصحي بالعقوبة تزيد من المشاكل في المستشفيات، وتدفع بعض الممارسين إلى التمادي».

وتساءل «لماذا لا يكون في المقابل عقوبة للممارس عند إساءته للمريض أو ذويه، ولماذا لا يتم تفهم الوضع النفسي للمريض وذويه بشكل أفضل؟».

الحماية للطرفين

ترى منيرة السلمي أن العقوبة المفروضة في اللائحة لا تفسر فقط على أنها ضد المريض، بل قد تكون أيضا لحمايته هو وذويه، إذ تلزمهم بالتحلي بالصبر، وأن يسلكوا الطرق الرسمية للحصول على حقهم من الرعاية والعناية ومنع التجاوز عليهم عبر الشكوى لإدارة المستشفى، وفي حال لم يجدوا تجاوبا من الإدارة يمكنهم التوجه إلى وزارة الصحة وتقديم شكوى عبر رقم الشكاوى وعبر حساب الوزارة على تويتر، وهذا ما فعلته في أحد المستوصفات، حيث كنت بانتظار دوري، ثم فوجئت بتجاوز سيدة للدور والسماح لها بالدخول قبلي على الرغم من أنها حضرت بعدي بنحو ربع ساعة، وآلية المستوصف لا تقبل الحجز المسبق للمواعيد، بل تعتمد آلية الدخول حسب الحضور الشخصي.

وقالت «ساءني هذا التجاوز، فقدمت شكوى لإدارة المستوصف، لكن مدير المستوصف تملص واختفى، فانتظرت حتى عاينني الطبيب، وبعد خروجي تقدمت بشكوى إلى الوزارة التي عاقبت المستوصف، وأنصفتني دون غضب وانفعال مني».

الحاجة للإثبات

أكد الباحث القانوني فيصل الزهراني أن موضوع استغلال بعض الممارسين الصحيين للائحة العقوبات المفروضة حال التعدي عليهم يخضع حسب رأيه إلى الموقف نفسه الذي يتعرض له المريض ويحدث فيه التجاوز.

وقال: إذا شعر المريض أن موظف الكادر الصحي يستغل هذه الحماية التي منحها له النظام، فإن بإمكانه اللجوء إلى وزارة الصحة، أو إلى الجهات الرقابية، ويمكنه أن يقدم شكوى بهذا الشأن ضد الموظف، لكن عليه أن يدعم شكواه بالإثبات، لأن الأمر يخضع وقتها للإثبات من عدمه لدى تلك الجهة.

من جهتها، تواصلت «الوطن» مع وزارة الصحة للحصول على ردها عن هذا الأمر، لكنها لم تتلق أي رد، على الرغم من محاولاتها المتكررة.

حديث اللوائح

الاعتداء على الممارسين الصحيين جريمة يعاقب عليها النظام

الاعتداء يمكن أن يكون لفظيا أو جسديا

العقوبة حال الاعتداء

السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات

غرامة مالية تصل إلى مليون ريال

يمكن للمتضرر أخذ حقه من خلال

التوجه إلى حقوق وعلاقات المرضى

الاتصال على الرقم 937