ياء ملكية ولغة ضعيفة تنم عن العجز والقصور، والأنا المتعالية التي تتعامل بها بعض القيادات في المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية المرخصة من قبل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية. هذه اللغة البعيدة كل البعد عن محتوى وتوجه رؤية المملكة العربية السعودية 2030م، والمبنية على التكامل بين جميع مؤسسات الدولة للاستثمار الحقيقي «في الإنسان وتنمية قدارته البشرية».

حديثي هذا قد لا يعرفه إلا من هو قريب من القطاع الثالث، ويشاهد بعينه التسرب المتكرر من الأسر المنتجة والحرفيات، وعدم شعورهم بالولاء والانتماء للجمعيات، واللجان التي تم تسجيلهم بها كمستفيدين ومستفيدات من خدمات الجمعية.

وجميعنا يعرف أن الجمعيات تحرص على تسجيل عدد من الأسر المنتجة والحرفيات والحرفيين لدعم فرص التمكين ودعم المشاريع الصغيرة، وتقدم البرامج التدريبية لمستفيديها لتأهيلهم لسوق العمل وتشجيع العمل الحر، فاستمرار وجود المستفيدات والمستفيدين في الجمعية دليل عجز وقصور الجمعية في الجانب التنموي، والهدف الأساسي التحول من الرعايه للتنمية، ونعدد معًا أهم المشكلات التي تواجه الجمعيات وتكرر التجارب الفاشلة مع مستفيديها:

1- التسرب مما يؤى لفقد عامل الاستدامة.

2- هروب الأسر المنتجة لجهات اخرى للحصول على الدعم اللوجستي مثل البلديات والأمانات أو طلب رعاية مستثمرين.

3- تشكل فوق تطوعية عشوائية من خلال مبادرات لا تخضع لمعايير نوعية تحقق استدامة مشاريع المبادرات.

4- الصراع الداخلي والخارجي المتأزم بين الجمعيات «من خلال ياء الملكية» واستخدام مفردات لا تليق بقيم العمل المجتمعي التي أربأ بنفسي عن ذكرها.

5- عدم ثقة الأسر المنتجة والحرفيات والحرفيين بالجمعيات من خلال تعاملهم معهم في الفعاليات والمهرجانات والمناسبات الموسمية، مثل موسم شهر رمضان المبارك في تجهيز مواقع كمنافذ بيع بمعايير تليق بحجم الدعم المالي الذي تحصل عليه الجمعيات من قبل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وبالتالي فالعائد المالي لهم لا يرتقي لمستوى الطموح.

هنا نتوقف؛ لأن هذا الملف ملف شائك ومعقد، ويحتاج لجلوس جميع الأطراف المعنية على طاولة نقاش يتحدث فيها الجميع بشفافية، فعمل الجمعيات ليس عملاً «إقطاعيًا» «والأسر المنتجة والحرفيين والحرفيات لا يعملون بنظام السَُخرة»، فالهدف هو قيام الجمعية بدورها في التنمية للطاقات البشرية المعطلة، وخلق بيئة مناسبة، وفتح جسور الشراكات والتعاون لبحث الاحتياج الفعلي الميداني للفرص والمشاريع المتاحة وتقديم برامج نوعية للتأهيل والتدريب وصنع قيادات شابة واعية لمتطلبات المرحلة القادمة.

وللوصول لهذه المرحلة لابد أولاً من إلغاء العمل الفردي الذي لا يعترف بضرورة فتح جسور الشراكات والبحث عن نقاط التقاء في عمل هذه الجمعيات، ووضع بعض المبادرات المشتركة بخطة واضحة مع الجهات ذات الاختصاص ووضع خطة واضحة للحصول على مواقع دائمة مجهزة ببنية تحتية تلائم إستراتيجية المنطقة والمشهد الحضري، مدفوعة من قبل الجمعيات للأمانات أو البلديات بموجب عقد محدد واشتراطات محددة، وأن تمنح الجمعيات هذه المواقع المطابقة للمعايير والمواصفات لمستفيديها بعد خضوع المستفيدين لمعايير الجودة من حيث جودة المنتج، ولمدة محددة كافية لتحقيق المستفيد أرباح تؤهله للخروج من رعاية الجمعية، ويمنح الموقع لمستفيد أم مستفيدة أخرى، أن تطبق هذه الخطة على جميع الجمعيات بدون استثناء، وتحدد المواقع حسب معايير الجودة لكل جمعية حسب ما تقدمه من برامج، وبالتالي ستضطر الجمعية للانتقائية، وإلزام المستفيدات بمستوى محفز للتنافسية والحصول على مميزات، وفرص الوصول لمواقع مميزة.

كل هذه النقاط لابد وأن تطبق بعدالة ومساواة بين الجمعيات في المحافظات بعيدًا عن المجاملة والتحيز لجمعيات دون أخرى، وأن لا يكون العمل تحت مبدأ «بما عهد لنا عندك»، فتكافؤ الفرص مطلب رئيس لتحقيق العدالة والحد من البيروقراطية المسيطرة على بعض مؤسسات المجتمع المدني.