تعقد هذه الأيام المقابلات الشخصية لبرامج الزمالات الطبية، في المملكة وفي كل المستشفيات التي يتوفر فيها برنامج التخصص، وستظهر النتائج في 19 أبريل، وفي أكتوبر من كل عام يبدأ تدريب المقبولين في شتى التخصصات.

تمر عملية التقديم لبرامج الزمالة بعدة خطوات، من التقديم في أول العام واختيار عشرة تخصصات تُرتب حسب الرغبة، ومن ثمّ إعلان درجة القبول لكل تخصص، وبعدها الترشيح لمقابلات التخصص حسب الدرجة لكل تخصص، ومن ثمّ إجراء المقابلة.

من الممكن جدًا أن تجد نفسك في تخصص لا ترغبه كثيرًا، لأن درجتك لم تؤهلك للترشيح للتخصص الذي ترغبه بشده، أو يأتي قبولك في مركز تدريبي خارج مدينتك، لا بأس، ففي ذلك تفرغ للعلم والعمل.

كل الأمور ميسرة وواضحة ولها آلية يعرفها الجميع، إلا المقابلة الشخصية، فالأسئلة لا تخضع لقانون معين، أتذكر سؤالا سُئِلته منذ سنوات حينما قدمت على زمالة طب الأطفال بعد التخرج، حينما علموا أن لديّ طفلًا، سألوني إن كانت لديّ نية الإنجاب خلال فترة الزمالة؟

فهمت أنه يتوجب عليّ قول لا، كي يتم قبولي، فأجبت بما يريدون سماعه لأضمن القبول، وكأن الأمومة إعاقة، بينما هي زيادة في العطاء ودروس في الصبر.

وكأنه تصديق لكلمات قرأتها في كتيب -وأنا في المرحلة الثانوية، حينما بدأ حلم الطب يراودني- تصف السماعة حول عنق الطبيبة بالأفعى التي التفت على رقبتها فخنقتها!! لأنها حرمتها من الزواج والأمومة!.

طريقة ترهيب وتخويف من دخول الفتيات كلية الطب! وقال لي أبي: «كلٌ ميسر لما خلق له، والطب نبلٌ وفضيلة، وما حازه إنسان إلّا جمّله وميزه ورفعه».

آمنتُ بقوله، فالآباء يعرفون أكثر. أداء الإنسان وقدراته لا علاقة لها بجنسه أو بحالته الاجتماعية، صديقتي ولأنها أنثى، لم تقبل في برنامج جراحة العظام ذلك الوقت، لأنه مقصور على الذكور، ولكنها أصرت، وتخصصت فيه وأبدعت.

نوعية الأسئلة التي تُطرح في المقابلات الشخصية الخاصة ببرامج الزمالات الطبية، ولأنها لا تخضع لقانون أو معايير، وذلك لتعدد مراكز المقابلات في المدينة نفسها وللبرنامج ذاته، ربما يهتز ميزان العدالة - أو ما نسميه bias - بسببها. أقترح على الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، أن تكون هناك لجنة مركزية واحدة في المدينة لكل تخصص، بحيث يكون رئيس اللجنة العلمية للتخصص في المنطقة، هو رئيس لجنة المقابلات أو من ينوب عنه، حينها ستوجد معايير محددة وآلية موحدة.

أعرف أنّ المقابلة الشخصية هي غالبًا تحصيل حاصل لقبول مسبق، فكل من ارتفعت درجته وزادت نقاطه، كان الأكثر تأهيلًا لقبول رغباته الأولى، وفي المراكز التدريبية الأكثر رغبة، وكلما قلت النقاط، كلما قلت فرص تحقيق رغباته الأولى، فلربما يتم ترشيحه لرغبته رقم 10، التي بالفعل لا يرغبها إنما وضعها ليكمل 10 رغبات.

وربما تكون هذه الرغبة هي الأولى لآخر، لكنه أقل درجة ونقاطا منه، وهنا معضلة أخرى فآمل من الهيئة السعودية تقليص عدد الرغبات، حتى لا يُضيع متدرب فرصة متدرب آخر، لمجرد تكملة عدد، فليست كل رغبة، حقيقية، نحتاج رغبة حد الشغف.

وتبقى المقابلات مهمة لمعرفة مدى الرغبة في التخصص والمركز المناسب للتدريب، حسب قدرات كل شخص، وبغض النظر عن (الجندر) ذكرا كان أو أنثى.