غنت كوكب الشرق أم كلثوم كثيرا من الأغنيات لشعراء على قيد الحياة، لكنها غنت رائعة الشاعر إبراهيم ناجي بعد رحيله بـ12 عاما. وكان ناجي تعرض لحادث سيارة في لندن عام 1965، وبقيت رائعته هذه خالدة بعد أن اجتمع فيها الأقطاب أم كلثوم ورياض السنباطي.

قصة الأغنية

«إبراهيم ناجي» أحب بنت الجيران وهو ابن 16 سنة، سافر ليدرس الطب وعند رجوعه تزوجت، لكنه لم يستطع أن ينسى حبه لها، بعد 15 سنة، وبعد منتصف الليل التقى رجلًا أربعينيًا يستغيث به لينقذ زوجته التي كانت في حالة ولادة عسيرة، في بيت الرجل كانت الزوجة مُغطاة الوجه وكانت في حالة خطرة جدًا وهو يحاول أن ينقذها، فجأة بدأت أنفاسها تقل وتغيب عن الوعي عندها طلب «ناجي» منهم أن يكشفوا وجهها حتى تتنفس وكانت الصدمة... هي حُب عمره التي لم ينسها يومًا.

ناجي رغم أنه أمضى سنين طويلة بعد هذا الحب إلا أنه كان مرهف المشاعر فأجهش بالبكاء، وهو ينتظر العملية، وسط ذهول المتواجدين ولا أحد يفهم ما يحدث، بعد قليل رزقت بمولودها وأصبحت بخير ومشى «ناجي» من عند الرجل ورجع لبيته قبل مطلع الفجر وعلى باب بيته جلس وكتب «الأطلال».

اختيار الأبيات

لم يشهد ناجي الأبيات التي اختارتها أم كلثوم مع رياض السنباطي من قصيدة الأطلال وتضم 130 بيتًا واستقر رأيهما معًا على الأبيات التى نسمعها الآن من هذه القصيدة الرصينة، خاصة افتتاحيتها التي تقول «يا فؤادي رحم الله الهوى.. كان صرحًا من خيال فهوى.. اسقنى واشرب على أطلاله.. واروى عني طالما الدمع روى.. كيف ذاك الحب أمسى خبرًا.. وحديثا من أحاديث الجوى»، إلى أن نصل إلى المقطع الذي يقول «لست أنساك وقد أغريتني.. بفم عذب المناداة رقيق.. ويد تمتد نحوي كيد.. من خلال الموج مدت لغريق»، وبلغت قمة إعجابها بالمقطع الذي اختتمت به أطلالها «يا حبيبي كل شيء بقضاء.. ما بأيدينا خلقنا تعساء.. ربما تجمعنا أقدارنا.. ذات يوم بعدما عز اللقاء.. فإذا أنكر خل خله.. وتلاقينا لقاء الغرباء.. ومضى كل إلى غايته.. لا تقل شئنا فإن الحظ شاء»، هذا إلى جانب الأبيات التي اختارتها في منتصف القصيدة مثل «أعطني حريتي أطلق يديَّ.. إنني أعطيت ما استبقيت شيَّ.. آه من قيدك أدمى معصمي.. لم أبقيه وما أبقى عليَّ».

حذف مقاطع

استغنت أم كلثوم والسنباطى أثناء اختيارهما للأطلال عن كثير من المقاطع ومعهما كل الحق، منها المقطع الذي يقول «قد رأيت الكون قبرا ضيقا.. خيم اليأس عليه والسكوت.. ورأت عيني أكاذيب الهوى.. واهيات كخيوط العنكبوت.. كنت ترثي لي وتدري ألمي.. ولو رثى للدمع تمثال صموت.. عند أقدامك دنيا تنتهي.. وعلى بابك آمال تموت».

كلمات

يا فؤادي لا تسل أين الهوى..

كان صرحًا من خيالٍ فهوى

اسقني واشرب على أطلاله..

واروِ عني طالما الدمع روى

كيف ذاك الحب أمسى خبرًا..

وحديثًا من أحاديث الجوى

لست أنساك وقد أغريتني.. بفمٍ عذب المناداة رقيقْ

ويدٍ تمتد نحوي كيدٍ..

من خلال الموج مدت لغريق

وبريقًا يظمأ الساري له.. أين في عينيك ذياك البريق

يا حبيبًا زرت يومًا أيكه.. طائر الشوق أغني ألمي

لك إبطاء المدل المنعم.. وتجني القادر المحتكم

وحنيني لك يكوي أضلعي..

والثواني جمرات في دمي