تطارد لعنة الحرب الروسية الأوكرانية الأثرياء الروس حيثما حلّوا، فبعد مصادرات عديدة لممتلكاتهم في عدد من المواقع، باتوا كذلك مهددين اليوم في الريفييرا الفرنسية أو شبه حزيرة كاب فيرا الخلابة في الكوت دازور، التي شكلت وجهة مفضلة لهم على الدوام، قبل أن يواجهوا صعوبات فرضتها تأثيرات العقوبات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا.

ومنذ 2006، بدأ الروس يصلون الكوت دازور، وهي رأس تكسوه الأحراج وتخترقه خلجان صغيرة بين نيس وموناكو، لشراء منازل تصل قيمة بعضها إلى 50 مليون يورو، وهو ما تسبب في رفع أسعار العقارات بشكل مصطنع، خصوصًا مع استعداد الروس لدفع مبالغ أكبر من القيمة الفعلية للممتلكات، ما جعل كاب فيرا التي تتمتع بأكبر طابع سلافي على الشواطئ الفرنسية المطلة على المتوسط تتجاوز في الأسعار كاب دانتيب المعروفة بأنها وجهة أخرى للأثرياء.

تكتم على الملكية

كثيرا ما يلجأ الأثرياء الروس إلى التكتم حول ممتلكاتهم، ولهذا غالبا ما يختبئ المالكون الفعليون للعقارات في الكوت دازور وراء شركات وهمية مقرها جزر الباهاماس أو جيرنسي ويتحركون بسرية، ومع ذلك يواجهون صعوبات كبيرة حاليا، فمثلا يظهر اسم ألكسندر بونومارينكو بسرعة على وثائق «مشروع لا شابان» العقاري، وهو يمتلك أيضا دارة مساحتها 15 ألف متر مربع دفع ثمنها 83.5 مليون يورو في 2008. ويجري تشييد 3 مبان عليها.

لكن حسابات بونومارينكو مجمدة لأن الاتحاد الأوروبي فرض عليه عقوبات، وهو الذي استقال منتصف مارس من رئاسة أكبر مطار في روسيا، بعد 4 أيام من بدء غزو أوكرانيا لصلاته الوثيقة مع الأثرياء الآخرين المرتبطين بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

30 عقارا مجمدا

جمدت فرنسا 30 عقارا روسيا على أراضيها، كما صادرت يختا مرتبطا برئيس شركة روسنفت المنتجة للنفط إيجور سيتشين مطلع مارس بالقرب من مرسيليا.

وفي كوت دازور، هناك مخاوف الآن من ألا يتمكن الروس من تسديد رواتب موظفيهم ودفع فواتيرهم. وإذا تم تجميد الأصول، لا يمكن بيعها أو تأجيرها.

وفي كوت دازور أثرياء روس كثر بينهم عائلة روتنبرج التي فرضت عليها عقوبات أمريكية وهي مالكة فيلا شوشانا، وهي مقربة من بوتين.

وهناك فيلا «نيلكوت» التي تمتلكها شركة عقارية تظهر فيها أسماء مالك المجموعة الروسية لصناعة الصلب «مانييتوجورسك ام ام كي» فيكتور راشنيكوف «الثري» الذي فرضت عليه وعلى ابنته أولجا عقوبات.

200 ألف لتأجير فيلا

هناك 2074 مسكنا في كوت دازور، 60% منها مساكن ثانوية، لكنها ستعاني كثيرا الآن مع غياب الروس، حيث تتوالى طلبات إلغاء الحجوزات على الأخص المرتبطة بـ«الفيلات الكبيرة التي تؤجر بـ200 ألف يورو شهريا»، ويصف كثيرون الموقف بأنه مأساوي.

ويقول أحد ساكني الكوت دازور، وهو يرى الأمر من جانبيه الإيجابي والسلبي «قريتي فقدت روحها.. في الماضي كان هناك جزار وحلاق حولي والآن لا أرى سوى شركات عقارية».

وتابع «لكن في الوقت نفسه يجب أن نكف عن التذمر فنحن نحصل على لقمة العيش بفضل وجودهم».

ومن على زورقه، يقول صياد من كاب فيرا «أعمل صيادا للسمك هنا منذ خمسة أجيال.. قبل 50 عاما لم يكن لذلك قيمة كبيرة، واليوم لا يمكنني تحمل كلفة الشراء، وأدفع إيجارا قدره 1500 يورو»، مشيرا إلى شقة «من 3 غرف تطل على الميناء قيمتها اليوم 1.3 مليون يورو».

ويضيف أن صيد السمك سيكون أسهل في الخليج هذا الصيف، موضحا أن «هناك 80 يختا في بعض الأحيان ويجب أن أذهب للصيد في أماكن أبعد».

لكنه أشار أيضا إلى أن الطلب على سرطان البحر سيتراجع.

إخفاء العلم

يسكن عدد من الروس الكوت دازور طوال السنة، لكنهم يحرصون الآن على إخفاء العلم الروسي على لوحات تسجيل سياراتهم، كما بات من الملحوظ عجزهم عن فتح حسابات مصرفية، فبمجرد أن تظهر اللغة الروسية في طلب لفتح حساب مصرفي، يتلقون الرد بلطف «لا.. دون تفسير».

كوت دازور

-هي النهاية الشرقية لساحل البحر المتوسط في فرنسا

-منتجع مشهور لقضاء العطلات

-يعني الاسم الفرنسي كوت دازور ساحل اللازورد

-أطلق الاسم على المنطقة بسبب الزرقة الجميلة للبحر والسماء

-يزورها سنويا ما لا يقل عن 14 مليون سائح

-ينفق السياح سنويا فيها نحو 5 مليارات يورو

-يقضي السياح فيها نحو 65 مليون ليلة في الفنادق والمرافق السياحية

-تعرف رسميا بأنها موطن لـ163 جنسية

-يقطنها بشكل دائم 83962 شخصا من جنسيات أجنبية