لا يمكن لعاقل أن يشكك في تميز المملكة العربية السعودية كأفضل دول العالم في إدارة الحشود البشرية، وليس أدل على ذلك من مواسم العمرة والحج السنوية بأعدادها البشرية المليونية والكبيرة التي تفد إلى المملكة على مدى العام، مما يجعل هذا الوطن العظيم يتبوأ المكانة الريادية في إدارة الحشود البشرية وفق إستراتيجية احترافية، للتعامل مع مختلف العقول والثقافات، وتوجيهها للحفاظ على سلامة الوطن والزائر والمواطن بجهد جبار يجمع المختصين في كل المجالات ذات الارتباط المباشر وغير المباشر، لأداء هذه المهمة الصعبة جدا على أكمل وجه، وبأيسر ما يكون للزائر، مما جعل ذلك أحد مصادر فخرنا واعتزازنا بمملكتنا الحبيبة كدولة، ولنا كمواطنين ننتمي لهذه الأرض.

كلَّ هذه الجهود بالتأكيد وراءها قيادة قوية، تسخِّر كلَّ الإمكانات لهذه المهمة، إذ يحرص خادم الحرمين الشريفين وولي عهده على تقديم كلِّ الدعم لخدمة الحرمين الشريفين، ولزوار بيت الله الحرام ومسجد الرسول، عليه أفضل الصلاة والسلام، لتيسير المناسك على الوافدين إلى مملكة الإنسانية بكلِّ ما يمكن منحه لضيوف الرحمن، مما يرد كل أباطيل الذين يدعون غير هذه الحقائق التي تكشف عن نفسها بالأرقام، وأمام العالم، مما يجعلنا كسعوديين نفخر بكل ما توليه قيادتنا من جهود لإنجاح إدارة الحشود البشرية، التي أصبحت سياستها تدرس في كل بلد يمكن أن يستضيف حشودًا بشرية مثل الفعاليات الرياضية وغيرها.

جهود الحرمين الشريفين تتواصل باستمرارية على مدى العام، لإظهار مدى الجهد والريادة في إدارة الأزمات، وليس غريبًا نشر إعلام الحرمين 7000 مادة بمواقع التواصل، حققت أكثر من 10 ملايين مشاهدة على «سناب شات الحرمين الشريفين». وإلى المزيد من الأرقام، فقد وصل عدد زيارات حساب الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بـ«تويتر» إلى 7 ملايين زيارة.

هذه الأرقام تعكس الصورة الحضارية عن المملكة العربية السعودية، وعلى إعلامنا استثمار هذا الجهد، وهذه النجاحات في ترسيخ قدرة المملكة على تقديم المزيد باحترافية. إخلاص القيادة والمسؤول لتيسير المناسك، وحفظ الأمن، والحرص على جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، وحرص المواطن على حسن الضيافة لا تقف عند هذ الحد، بل إن الأمر تعدى ذلك إلى قدرة المملكة، وحرصها على تصدير الوجه الحضاري المتطور دومًا، وقوتها الناعمة الصادرة عن أحكام الشريعة الإسلامية، إعلاء لسماحة الدين، وتيسيرا لأمور المسلمين التي لا تتعارض مع مقتضيات العصر>

ومن أمثلة ذلك السماح للمرأة بإصدار تأشيرة الحج أو العمرة من غير شرط وجود محرم، وذلك تسهيلا لها أداء مناسكها، وضمانًا لصونها وحمايتها وهي على أرض الحرمين الشريفين. هذا القرار وغيره تلقته الدول الإسلامية بالترحيب، واعتبرته نقلة نوعية كبيرة على طريق تمكين المرأة، ومنحها حقوقها المشروعة التي منحها الإسلام لها، وقد أيد الأزهر الشريف هذا القرار، مما يؤكد أن المملكة قادرة على تصدير قوتها الناعمة إلى جميع دول العالم.

وفي منظورنا، يمكن استثمار كل هذه الجهود التي تبذل في رعاية وخدمة الحرمين الشريفين في تقديم صورة حضارية عن المملكة العربية السعودية، وذلك وفق آليات، لتدعيم القوة الناعمة لبلادنا، وأهم هذه الآليات هي «الإعلام» الذي من خلاله يتم إلقاء الضوء على مزيد من التركيز على مثل هذه النجاحات، وتصديرها إلى العالم، ليس في موسم الحج فقط، بل طيلة العام، حيث يتوافد المسلمون من كل فج عميق، يؤدون مناسك العمرة، ويبذلون من أجل بلوغ ذلك الغالي والنفيس، وعلى إعلامنا تسخير طاقاته في إطار العمل على إظهار الوجه الحضاري لبلادنا للعالم الخارجي، ومدى اهتمامنا بالمقدسات والشعائر الإسلامية، ليكون بذلك عملًا رديفًا جنبًا إلى جنب مع جهود وزير الخارجية، صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان، بوصفه رئيسًا للدبلوماسية الخارجية للمملكة، خاصة أن الخارجية، ومن خلال السفارات والبعثات الدبلوماسية، هم أول من يصافح القادم لبلادنا، ويمنحوه تأشيرة القدوم، ويتم ترتيب كل شيء له. الإعلام والخارجية هما سلاحا المملكة في حرب كبيرة وضخمة في وجه كل أصحاب الأباطيل عن أمور يجهلون حقيقتها، مستغلين سياسة القطيع في سحب المتلقين إلى الاستماع لخرافاتهم، في الوقت الذي يمكن أن تعتلي فيه منصاتنا الإعلامية وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبارها الوسيلة الأسرع في الوصول للمتلقي، وبمختلف اللغات، وبمختلف الوسائط، الكلمة والصورة والفيديو والأنفوغراف، وذلك لاستثمار المواسم الدينية في ريادة بلادنا إسلاميًا. ما يبذل من جهود في رعاية الحرمين الشريفين خلال المواسم الدينية على مدى العام يحتاج إلى قوة إعلامية ودبلوماسية إضافية وأفكار خلاقة تواكب هذه الجهود، وتبرزها بمختلف اللغات للعالم أجمع، لتقطع الطريق مبكرًا على كل مشكك في قدرات بلادنا في تقديم المزيد من التطوير، والعمل القائم على المنهجية العلمية الناجحة.

آخر المقال، وليس آخر الولاء والفخر والانتماء لمملكتنا الحبيبة، منّ الله علينا بنعمة هذا الوطن العظيم، وشكر هذه النعمة لا بد أن يكون بأن نكون يدا واحدة، لنعلو به كما علا بعد الله بنا، وأن نفكر، نبتكر، ونتكاتف، لتبقى راية العز خفاقة، حتى يرى الأعمى وهج إنجازاتنا، ويسمع الأصم صوت صداها.