هناك اعتقاد عام بأن القادة في أماكن العمل يجب أن يكونوا جادين طوال الوقت وألا يمارسوا أي نوع من أنواع الفكاهة، وأن تلك الفكاهة قد تنتقص من قدرهم ومن مكانتهم.

إلا أن كلية ستانفورد ومن خلال دوراتها المكثفة لطلبة الدراسات العليا في تخصصات الأعمال والإدارة ترى أن للفكاهة نفوذا كبيرا وسلاحا سريا لتكوين الروابط والقوة والإبداع والمرونة في محيط العمل، وأن على القائد أن يتمتع بحس الفكاهة لمزيد من التأثير والإنتاجية في محيط العمل.

إن الذين يتمتعون بحس الفكاهة هم مؤهلون بشكل أكبر لتقلد المناصب القيادية ويمكنهم استخدام حس الفكاهة لديهم لتشكيل الفرق من خلال استخدام الدعابة لتعزيز روح الفريق وكذلك تخفيف ضغوط العمل. والقادة الذين يملكون حس الفكاهة لديهم القدرة على تقبل النقد وكذلك استخدام الأسلوب الفكاهي لإيصال النقد للمرؤوسين والموظفين دون أن يؤثر في نفسياتهم أو يقلل من قدرهم.

وجو الفكاهة الذي يخلقه القائد يساعد في القضاء على التوتر في محيط العمل، كذلك يساهم بشكل كبير في كسر حواجز الخوف وإطلاق روح الإبداع والابتكار.

ويؤكد المشروع الذي تتبناه جامعة ستانفورد أن روح الفكاهة في العمل ساعدت وبشكل كبير في تحسين الأوضاع الصحية للموظفين من حيث التحكم في الأمراض المزمنة كالضغط والسكري والقلب.

وهناك قول منسوب لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق دوايت أيزنهاور (تعتبر الفكاهة جزءا من فن القيادة والتعامل مع الآخرين ومن فنون إنجاز المهام).

وقد يكون السبب في عدم وجود روح الدعابة والفكاهة في بعض محيطات العمل هو خوف الموظفين أنفسهم من ألا تلقى دعاباتهم الاستحسان، وأن تتسبب في مواقف محرجة لهم.

ومن هنا فإن الأمر مرتبط بالمؤسسة أو الإدارة في نشر روح الدعابة والتشجيع والترويج لها، والذي سينعكس بشكل إيجابي على ثقة الموظفين بأنفسهم، وسيعتادون على أن يكونوا مرحين من تلقاء أنفسهم.

ويحث موقع فوربس على استخدام الفكاهة في أماكن العمل بشكل مفيد، بحيث تساهم في رفع معنويات الموظفين وإشعارهم بالراحة والاسترخاء لا سيما عند وجود الضغوط والقلق والتوتر.

إن روح الدعابة لدى القائد تجعل الآخرين يستمتعون بالعمل معه وتساعد في بناء الثقة بشكل سريع بين الرئيس والمرؤوسين وتزيل حالة التوتر والتردد لا سيما في الاجتماعات واللقاءات الهامة.

ونذكر هنا كتاب مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة (اقرأ سياستي من دبابيس صدري) وتقصد فيه تلك الدبابيس التي تضعها على الجاكيت فتجعل الطرف الآخر يعرف مزاجها وسياستها وتفكيرها، فعندما نعتها صدام حسين بأنها أفعى ارتدت له في مقابلتها معه دبوسا على شكل أفعى، وعندما اكتشفت أن الروس يتجسسون على وزارة الخارجية الأمريكية من خلال غرفة بالمبنى أطلق عليها المصطلح المتعارف عليه (بداخلها حشرة)، فلما جلست مع وزير الخارجية الروسي ارتدت له دبوسا على شكل حشرة، مما جعله يضحك وزال التوتر الذي بدا فيه الاجتماع.

وعندما قابلت الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- وضعت له دبوسا على شكل حصان لتخبره أنها تعلم أن العرب يحبون الفروسية ومعانيها الجميلة.