طبقت وزارة التعليم خلال العام الدراسي 1443 الذي ينتهي في يونيو نظام الدراسة بثلاث فصول لأول مرة في المملكة، في خطوة القصد منها تطوير المناهج والخطط الدراسية، والفصول الدراسية، وما يتبعها من تطويرات إضافية، لمواكبة ومنافسة أفضل الممارسات العالمية، وتحقيق مستهدفات تنمية القدرات البشرية، ورؤية المملكة 2030.

ومع نهاية العام الدراسي بنظامه الجديد أطلت علينا مرة أخرى مشكلة تغيب الطلاب عن الدراسة، والتي إن لم تجد الحلول الناجعة من التربويين والأساتذة وأولياء الأمور دون شك ستصبح ظاهرة سالبة ربما تؤثر على مستقبل أبنائنا، فقد ينتهي بنا المطاف إلى الحديث عن التسرب في التعليم (الانقطاع عن الدراسة نِهَائِيًّا).

ورغم أن نظام ثلاثة فصول، بدلاً من فصلين دراسيين، أوجد في التقويم الدراسي الجديد 12 إجازة أثناء العام الدراسي، بواقع 69 يومًا وفي كل فصل دراسي هناك إجازات نهاية أسبوع مطولة (Long weekend)، كذلك إجازة بين كل فصل وآخر إلا أن ذلك لم يمنع من تغيب بعض الطلاب.

وبالنظر إلى أسباب مشكلة الغياب العمدي للطلاب عن الدراسة وعدم الانتظام في الحضور المدرسي، نجدها تتفاوت ما بين أسباب تتعلق بالطالب نفسه وسلوكياته، أو أسباب تعود إلى المدرسة، أو البيت الذي يخرج منه الطالب نفسه.

ومن الأسباب التي تؤدي إلى غياب الطلاب إغفال إدارة المدرسة عملية ضبط عملية الغياب ومعالجتها أو عدم توفر بيئة مدرسية جاذبة.

وللإسهام في إيجاد حلول لهذه المشكلة، يمكننا استخدام سياسة العصا والجزرة، فكما أن هناك عقوبات جزائية على الغياب، لماذا لا يكون هناك مكافآت تحفيزية للحضور؟ بحيث يتم تحفيز الطلاب على المداومة والحضور اليومي، من خلال إعداد برنامج تحفيزي يتم من خلاله مكافأة الطلاب الملتزمين والمواظبين في الحضور وتخصيص 10 درجات، تمنح لدعم الطلاب المنتظمين ويتم إدراجها وتوزيعها على درجات المناهج الدراسية، فلربما تكون سببا في نجاح الطالب في إحدى المواد أو تكون سببا في تميزه، وترفع من التقدير أو النسبة العامة ودرجة التحصيل الأكاديمي في نهاية العام الدراسي.

كما أقترح أن يشمل البرنامج إعداد لوحة شرفية في كل قاعة ويتم إدارتها من قبل مشرف الصف وتتضمن أسماء الطلبة المواظبين على الحضور، ويتم تحديثها بشكل شهري، ولك أن تتخيل الأثر المعنوي لدى الطلبة وتفاعلهم مع هذا الأمر.

ولعل من المحفزات التي تغري الطالب على الانتظام في المدرسة خاصة في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وجود المناشط الترفيهية والثقافية والرياضية، فمثل هذه المناشط تزيد من ارتباط الطالب بالمدرسة.

وبما أن إدارة المدرسة هي رأس الرمح في هذه العملية يمكن أيضًا إيجاد وسائل تحفيزية أخرى تخدم الغرض من خلال تخصيص جوائز أو تكريم للمدارس التي يلتزم طلابها بالحضور المدرسي طوال الفصول الدراسية وتسجل أقل نسبة غياب في السنة، ويمكن للوزارة معرفة نسب الحضور والغياب للطلبة من خلال تطبيق أنظمة الحضور الإلكتروني «البصمة» لتشمل الطلاب والطالبات مستقبلا، باعتبار أن ذلك ينمي الشعور بالعمل والحرص على الوقت، وبالتالي انعكاس الانضباط على الأسرة والمجتمع وعلى سوق العمل.

كما أن أولياء أمور الطلاب لهم دورهم المؤثر فيما يتعلق بحضور الطالب إلى المدرسة، وأن اقتصار دور المدرسة بإشعار الأسرة بتغيب الطالب ليس مجديا بل الأفضل أن يتجاوز ذلك الأمر ليتم التواصل مع الأسرة والتأكد من أسباب الغياب، وإن اتضح للمدرسة أن تكرار الغياب لأسباب غير منطقية وعدم تدخل ولي الأمر لمعالجة ذلك، فيعتبر هذا خطأ ولي الأمر وتحال أوراقه للجهات المختصة للمشاركة في علاج ذلك الإهمال.

وختاما، دعونا نعمل معًا كشركاء في العملية التعليمية من أجل مشروع تطوير النظام التعليمي بمشاركة الجميع لصنع مستقبل أفضل لأبناء وبنات الوطن الذين يستحقون نظاماً تعليمياً يحقق أحلامهم وطموحاتهم، وإيجاد بيئة مدرسية محفزة لأبنائنا وبناتنا.