عجبت لأمر ذلك التطبيق، كل ما به مباح، لا قيود تحكمه ولا ضوابط اجتماعية يعتني بها، فهو التطبيق الذي لا تشبه الممارسات فيه أي تطبيق آخر.

(تيك توك) منذ الوهلة الأولى لظهور التطبيق وهو مثار جدل على عدة صعد، وبلا شك إن نظرنا إلى لغة الأرقام فهي تنصفه، كيف لا وهو التطبيق الذي انتشر كسرعة النار في الهشيم، وبات يحصد نسب تنزيل ومشاهدات عالية، تفوق الكثير من منافسيه.

ظاهريًا ما هو إلا أحد شبكات التواصل الاجتماعي، ولكن ما يثير الاستغراب، الممارسات الموجودة فيه حيث لا يوجد مثلها في أي مكان آخر.


الحديث هنا ليس عن نسق ثقافي معين، بل كيفية انصهار الجمهور في ذلك العالم، ممارسين فيه ما لا يمكن تصوره في أي تطبيق آخر، وكأنه حقق فعلا مقولة «أحلام العصر».

أولى بوادر الاستغراب في هذا التطبيق أنه أصبح وعاء لشرائح الجمهور كافة، فلا سن تحكمه ولا خصائص ديموغرافية يعترف بها، ومكمن الغرابة أن ذلك التنوع العمري الموجود به لا يصاحبه تباين في الاستخدام بل معظم الممارسات متماثلة.

فشخص تجاوز الستين من عمره يدخل في تحديات مع فئات سنية لا تتوافق معه فكريًا ولا منطقيًا حتى، ومن يخسر التحدي تفرض عقوبة عليه بطلب قد يصل لتسلق أشجار أو يحبو كالطفل أو أن يملأ وجهه بالطحين وغيرها من العقوبات يصعب عليّ ذكرها هنا.

وحتى الجانب الإيجابي من التطبيق يختلف عما سواه، فلا يشبه أحدًا، فنجد في بقية الشبكات عرض الحالة الإنسانية بطريقة يغلفها الكثير من العزة، بحيث تكون المادة المرئية مقننة بما يستوجب إيصال صعوبة حالة المحتاج، إلا أن عالم (تيك توك) ممارساته مختلفة، فنجد بثًا مباشرًا لجموع من الأطفال من قبل والدهم أو والدتهم، واستعراضًا بحالة الإنسانية بشكل لم يسبق وأن شاهدناه من قبل.

يخيل للمتابع لـ(تيك توك) أن غالبية مقدمي المحتوى جواز عبورهم لعالم الشهرة والانتشار وتحقيق الأموال، يتمثل في عدم وضع قيود أو حواجز، كل الأمور متاحة ومقبولة، لا وجود لاعتبارات عمرية أو حتى اجتماعية، فما هو مرفوض في الواقع يصبح مقبولًا بل ومشاعًا في عالم (تيك توك).

أتفهم أن تظهر تلك الممارسات الغربية مع بداية أي تطبيق، لكن الوضع هنا مختلف، فالتطبيق دخل في أعوام عدة منذ إنشائه، ومع ذلك لا تزال طقوسه مختلفة تمامًا عن كل ما عداه، فهناك من يبدأ بثًا مباشرًا وهو نائم، ونعجته بجانبه تجتر لمدة 9 ساعات!

ومن الأمور الملفتة أن هناك أعباء مالية على بعض مستخدميه، وذلك بشراء أيقونات خاصة بالبرنامج لدعم مشترك معين تحت نداء الفزعة و «ربعي يا ربعي»، و«كبسوا على الشاشة»، فهي إحياء بشكل أو بآخر لزمن المسابقات التي تعتمد على شحذ همة الجمهور والمناطقية والنزعات العرقية للكسب الشخصي.

الحديث عن مكامن الاستغراب من هذا التطبيق، ليست انتقادًا بقدر ماهي طرح استفهامات عريضة، كيف حول (تيك توك) ممارسات الأشخاص بجميع فئاتهم من الرفض إلى القبول، لماذا الاستثناءات والتنازلات قدمت في هذا التطبيق دون غيره؟!

يخيل للمتابع أن غالبية مقدمي المحتوى، جواز عبورهم لعالم الشهرة وتحقيق الأموال، يتمثل في عدم وضع قيود أو حواجز، كل الأمور متاحة ومقبولة.